رأى صالح بن ينصارن النور في أسفي، وهناك بدأ تعليمه، قبل أن يقرر طلب المزيد من العلم في الشرق. حين عودته، أسس رباطا خاصا به، وفرض على مريديه شارات وسلوكات، أغضبت فقهاء وقته، والسلطة الموحدية أيضا.
أبو محمد صالح بن ينصارن أو إنصارن (بنطق الصاد زاياً مفخمة) بن غفيان الماجري/ الماگري (بلسان البربر: إيماﯕرن ومعناها الأكابر أو الأسياد) الدكالي، ولد في أسفي سنة 550هـ/ 1155م. يظهر من اسمه نسبه البربري، غير أن حفيد ابنه أحمد بن إبراهيم نسج نسبا شريفا لأبي محمد صالح، شكك فيها بعض المؤرخين ومنهم عبد اللطيف الشادلي. بدأ أبو محمد صالح تعليمه في أسفي والمجالات المجاورة لها حتى إنه كان يقطع مسافات طويلة لتلقي العلم على يد القطب أبي عبدا لله بن أمغار في رباط شاكر. ويبدو أن تعليمه في المغرب شمل تلقي مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن، «وبعض المتون في اللغة والفقه وأصول الدين والتصوف» .وبعد مرحلة التعليم في المغرب، قرر، شأن بعض أقرانه، أن يولي وجهه صوب المشرق للاستزادة من العلم متنقلا بين مصر والعراق والشام والحجاز؛ فتلقى الفقه على عدد من الشيوخ أبرزهم أبو طاهر إسماعيل الزهري الشهير في إقراء المدونة وعلم الكلام، وكان من أعلام فقهاء الإسكندرية في زمنه، حيث لازمه مدة طويلة تقارب العشرين سنة .ولازم بعد وفاته ابنيه أبا نجم، وأبا محمد عبد الوهاب، والفقيه أبا سعيد مخلوف، وأحمد السلمي، ومحمد الكرخي وغيرهم ممن جمع بين الفقه والتصوف مثل أبي محمد عبد الرزاق الجزولي تلميذ أبي مدين الذي استقر بالإسكندرية إلى أن توفي فيها، وبواسطتهم اطلع على مصادر الفكر الصوفي المتداولة .ويبدو أن رحلته إلى المشرق لم تكن عادية، بالنظر إلى طول مدتها حيث قضى فيها زهاء عشرين سنة. لكن رغم طول هذه المدة، فإن المعطيات عنها مجزاة.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»