تستوجب دراسة تاريخ العفو والصفح بالمغرب البحث عن تمظهرات هذا المفهوم المركب في العلاقات الاجتماعية والسياسية المتشعبة .لكن ولشساعة الموضوع، سنركز، هنا، على العفو المرتبط بالمعتقدات المقدسة لدى المغاربة، وبالأساس الأماكن الرمزية التي شكلت فضاءً فعليا لمنح العفو.
قليلة هي الدراسات في السياق العربي (المغربي) التي تحدثت عن العفو والصفح، إما من منظور سوسيولوجي أو أنثروبولوجي أو حتى تاريخي، فأغلبهما أفردت مئات الصفحات عن الموضوع من وجهة نظر دينية صرفة. هنا نتساءل: هل يتجاوز العفو صفته كفعل فردي أو جماعي ليصل إلى درجة الظاهرة؟ وهل يصح أن تنسب إليه صفة المؤسسة الاجتماعية؟ وهل هو “عرف“ مؤقت ومتقلب؟ هذا ما يجب على الباحثين والمتخصصين تحديده. لكن إذا تأملنا في هذا المفهوم كسلوك، فإنه يظهر لنا أنه وجه من أوجه التعايش المشترك، كما يقول الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا. وإذا نظرنا إليه في السياق المغربي، فإنه يعكس وجها آخر من التاريخ الاجتماعي والسياسي بالمغرب، إما على المستوى الأفقي أو المستوى العمودي، أي في العلاقات التي تربط بين أفراد المجتمع، أو بين الحاكم والرعية.
إن تاريخ العفو بالمغرب يتقاطع مع قضايا تتداخل فيها ظواهر اجتماعية وعرفية وقانونية عديدة، تمس حياة الإنسان ومصيره بالأساس، وترتبط كذلك بتدبير مجال العيش المشترك، في حالتي السلم أو الحرب. دعت معظم الأديان الإبراهيمية وغير التوحيدية إلى التسامح والعفو عن مرتكب “الكبائر والخطايا“، وخاض في هذا الموضوع ونظّر له فلاسفة ومفكرون كثر، كبوذا وكونفوشيوس وأرسطو وابن سينا..
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 112 من مجلتكم «زمان»