بالرغم من مرور 68 سنة على استقلال المغرب.. ما زالت المخطوطات وبعض القطع المغربية النادرة مركونة في أروقة أرشيفات الإدارة الفرنسية.. كيف ولماذا؟
حينما تسلمت السلطات المغربية السيادة من فرنسا، وبعد إلغاء معاهدة الحماية سنة ،1956 تم تقسيم المخزون المادي للإدارة الفرنسية إلى قسمين كبيرين، الأول يخص الأوراق “التقنية” لإدارات الإقامة العامة الفرنسية بالرباط، مثل الأشغال العمومية، والإنتاج الصناعي، والزراعة، والتعليم العمومي، والشغل، والصحة العمومية، والقضاء، والمياه والغابات، والمعادن، والتشريعات، والمالية، بالإضافة إلى ممتلكات الرعايا النمساويين – المجريين والألمان الذين أقاموا في المغرب عقب اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة .1914 وبما أن إدارة المغرب المستقل لم يكن بإمكانها العمل بدون هاته الأرشيفات، فقد تم تسليم جميعها إلى السلطات المغربية .أما بخصوص القسم الثاني، الذي يعتبر الأكثر حساسية، فيتعلق بأرشيفات الإدارة العامة، والمناصب الدبلوماسية والقنصلية الفرنسية في المغرب، والأموال العسكرية، بالإضافة إلى المادة الإيقونوغرافية (الصور، اللوحات)…التي تم حفظها في معسكر مديونة بالدار البيضاء. وقد خطط لإرسال هاته الحصة لاحقا إلى وزارة الشؤون الخارجية، لكن بسبب عدم وجود مساحة في مستودعات هاته الوزارة، تم نقلها إلى خدمة التاريخ العسكري، التي يوجد مقرها بمدينة فانسان الفرنسية. انطلاق من سنة ،1960 بدأ تسريب الحصة الثانية بشكل طفيف إلى وزارة الشؤون الخارجية، لأن مسألة التصنيف والفهرسة كانت تتم بطرق شحيحة جدا بالنسبة لأرشيف فرنسا الذي دام 44 سنة في المغرب. على سبيل المثال، فحتى سنة ،2005 بدأ الشروع في ترتيب عدد كبير من الصور الفوتوغرافية المغربية وإدراجها في القائمة.
أمرت الإقامة العامة بالاستحواذ الوثائق الفريدة من نوعها، وهي وثائق تخص الإدارة الفرنسية، وتشكل جزءا من المتحف القديم لأرشيف الحماية. اعتُبِر هذا الجزء، الذي يعتبر حساسا من الناحية السياسية، «فرنسيَّ الملكية»، حسب إشعار أعلن عنه مركز الأرشيفات الدبلوماسية الفرنسية، ويحتوي هذا الجزء على وثائق ثمينة، تم الحصول عليها بطرق غير طبيعية، أي تبرعات أو وصايا من قبل أفراد فرنسيين، أو مشتريات .تم نقل هذه المجموعة المكونة من ثلاث صناديق إلى باريس في يناير 1957، من أجل إيداعها في المكتبة الخاصة لوزارة الشؤون الخارجية، وظلت مركونة هناك لمدة 20 سنة، قبل أن يتم تصنيفها في إطار مجموعة من القطع النادرة.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 121 من مجلتكم «زمان»