كان بن المؤقت عالما موسوعيا، ألَّف في مجالات شتى، شملت التاريخ والأدب والتصوف والسحر والأوفاق والتوقيت… “زمان” تقتفي أثر رجل سبق عصره.
في بداية الأربعينات من القرن الماضي، لفت محمد بن المؤقت المسفيوي نظرَ السلطات الاستعمارية فور صدور كتابه “أصحاب السفينة“. كان محمد بن المؤقت تحت نَظَرها، ولكن بعد صدور هذا الكتاب، أرادت أن تستزيد معرفة بهذا العالم الخارج عن كل تصنيف. كان متصوفا ولكنه نبذ الطرقية، وأضحى سلفيا، من دون أن يستهويه العمل السياسي، فلم ينخرط في حزب الاستقلال، كما عالم مجايل له وقاطن مدينته، ألا وهو المختار السوسي. لم تتعامل السلطات الاستعمارية مع ابن المؤقت بمنطق الزجر، ولذلك فضّلت أن تستزيد معرفة بهذا الذي كان في العمق يرفض الهيمنة الغربية، ولا يقبل بالوصاية الفرنسية، ولكنه في الوقت ذاته كان يعي سبق الحضارة الغربية، وشفوف الأمة الفرنسية. أقبل أدولف فور على ترجمة “أصحاب السفينة“، وأفرد دراسة نشرتها مجلة “هسبيريس“، تُعتبر من أهم الدراسات عن هذا الفقيه المصلح كما ينعته. وهل “أصحاب السفينة“ إلا الفرقة الناجية، كما في قصة نوح، مَن يتهددهم الطوفان، إلى أن يغمر كل شيء، وإذاك لا عاصم من أمر لله… يُعتبر كتاب “أصحاب السفينة“ من أهم كتب ابن المؤقت، إلى جانب “الرحلة المراكشية“ التي تتضمن أفكاره ورؤاه، وهو الكتاب الذي أثار زوبعة فور صدوره، وألّب عليه العلماء والعِلية على السواء. لم يكن ابن المؤقت ناشطا، كما نقول اليوم، أي منخرطا في الشأن العام بشكل مباشر، ولكنه كان من طينة فريدة، قد نجد نظيرا له لدى مصلح آخر، درج مثله في حضن الطرقية، ليصبح من ألدّ أعدائها هو محمد بن العربي العلوي. بيد أن الاختلاف بينهما بَيِّن؛ فمحمد بن العربي مُقلٌّ في الكتابة، حاضر في المشهد السياسي، وابن المؤقت مستفيض في الكتابة، منزو عن الأضواء، يفضل التملي على السجال.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 125 من مجلتكم «زمان»