من المؤكد أن تقي الدين بن تيمية الحراني من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ المسلمين، حيث انقسم الناس في حياته وبعده إلى مؤيدين له ومعارضين، إلى من يرفعه لمرتبة ”شيخ الإسلام” ومن يخرجه مطلقا من دائرة الإسلام والإيمان. كذلك حاله مع المغاربة الذين اختلفوا بين تكفيره وتمجيده.
رغم أن فكر بن تيمية غاب عن المشهد الفكري الإسلامي لقرون عديدة، بفعل ما تعرض له من معارضة شديدة من قبل أغلب الفقهاء المسلمين، خصوصا أتباع المذاهب الأربعة المشهورة، فقد عاد للظهور مرة أخرى وبقوة خلال القرن الثامن عشر الميلادي، من خلال تبني محمد بن عبد الوهاب لفكر بن تيمية وتصوراته، وكان للتحالف الذي كان بين الوهابية والدولة السعودية أثر كبير في إعادة جمع تراث الرجل ونشره في كل أنحاء العالم، إذ شكل عصب الإيديولوجية التي جمعت بين الطرفين.
وبعد أحداث جهيمان واقتحامه للحرم المكي سنة ،1979 واعتماد الدولة السعودية منطق نشر “الدعوة السلفية“ في كل أنحاء العالم الإسلامي، رغبة منها في تثبيت الشرعية الدينية المهتزة بسبب أحداث الاقتحام، وفي مواجهة المد الشيعي الذي أصبح على حدودها بعد قيام ثورة الخميني في السنة نفسها، تعرضت معظم دول العالم الإسلامي لغزو تيمي، ظهر أثره واضحا في كل مشاريع حركات الإسلام السياسي وبرامجها، كما جعل لابن تيمية وقعا خاصا داخل المجتمعات الإسلامية، وولد ذلك صراعا بين الأجيال القديمة المتشبثة بتدينها التقليدي، والفكر السلفي بكل ما يحمل من إيديولوجية وتصورات مخالفة.
فهل كان لابن تيمية في عصره احتكاك بالفقهاء المغاربة؟ وكيف كانت الأصداء الأولى لفكر الرجل لدى أهل المغرب الإسلامي؟ وكيف تخلى كثير من المغاربة عن تدينهم التقليدي الصوفي لفائدة أفكار بن تيمية وإيديولوجيته؟ وكيف وظفت حركات الإسلام السياسي بالمغرب تراث ابن تيمية في مشاريعها وتصوراتها الفقهية والحركية؟
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»