حظيت الأم بمكانة اعتبارية في غالبية المجالات المغربية خلال العصر الوسيط مع اختلافات نسبية بين الحواضر والأرياف، قبل أن تتغير الأمور مع وصول المسلمين.
يبدو بديهيا القول إن الأمهات حظين بتقدير ومكانة مميزة في مختلف المجتمعات والثقافات، ولم يكن ليكون المجتمع والثقافة المغربيين استثناء في هذا الباب. ولا غرو أن هذا التقدير وتلك المكانة استُمدا من الأدوار التي اضطلعت بها الأمهات في رعاية أولادهن وأسرهن عموما، وإن اختلفت من مجال جغرافي لآخر وبين الأرياف والحواضر، وأيضا وفق المرتبة الاجتماعية التي تنحدر منها الأم وتنخرط فيها، دون إغفال بعض الأعراف القبلية التي أعلت من شأن المرأة عموما والأم خصوصا. اضطلعت الأمهات في مغرب العصر الوسيط بدور بارز في تربية أولادهن، «بتأهيل الذكور للقيام بأعمال الرجال، وإعداد الإناث للقيام بأعباء النساء»؛ فمنذ نعومة أظافر الأولاد، حرصت العديد من الأمهات على تربية أولادهن، وتلقينهم سلوكا اجتماعيا محمودا، وتعويدهم على «الآداب العامة المتصلة بحياتهم الاجتماعية والشخصية، [وتدخلت بعضهن] لتقويم سلوكهم عندما يتسم بالجنوح والسلبية. [مستعينة في مسعاها] بهيبة الأب وسلطته». ولإتمام دور الأمهات في تربية أولادهن، حرصت بعضهن على ملازمتهم حتى في أوقات عملهن خارج البيت، فقد كانت بعض الأمهات، خاصة في البوادي، يتولين مهامهن في الزراعة والرعي، وهن يحملن أطفالهن.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 112 من مجلتكم «زمان»