رسم المغاربة، في الفترة الوسيطة والحديثة، للبرتغاليين أو “البرطقيز” صورا نمطية أطرتها مواقف العلماء والمتصوفة والسلطة القائمة.
يلاحظ الراغب في البحث عن الذهنية المغربية التي تشكلت تجاه البرتغاليين، خلال العصر الحديث، ضعفا في المعلومات الواردة في المصادر المغربية التي تعود لهذه المرحلة، فأغلب هذه الكتابات، التي وصلنا بعضها وفُقد بعضها الآخر، طغى عليها الطابع الفقهي أو الأدبي. أما ما هو تاريخي، فيأتي في غالب الأحيان بشكل عرضي. ارتكز تمثل المغاربة للبرتغاليين على معلومات متناقلة بين نخبة من العلماء والفقهاء ورجال التصوف، وحتى مما كانت تبديه السلطة الزمنية من مواقف حسب فترات الانفراج أو الأزمة مع هؤلاء المسيحيين. وقد غلب على هذا التمثل المواقف النمطية التي تحكمت في توجهات المؤلفين المغاربة، مؤطرة بمعارفهم الدينية، ومواقفهم السياسية المنبثقة من علاقتهم بالسلطة القائمة، وما كان يجري على الساحة المغربية، الشيء الذي أثر في ذهنية عامة الناس وانعكس بشكل كبير على تصوراتهم حيث بدت، في الكثير من الأحيان، بعيدة عن واقع الحال وعن طبيعة العلاقات التي كانت بين المغاربة والبرتغاليين. أحجمت الكتابات التاريخية المغربية عن الكثير من التفاصيل المتعلقة باحتلال سبتة سنة 1415م. فهل يرجع ذلك إلى غياب المعلومات عن الموضوع؟ أم إلى تَرفَّع المؤرخين المغاربة عن الخوض في هذا الحدث الذي اعتبر انتكاسة كبيرة في الجزء الغربي من بلاد الإسلام، ترتب عنه استيلاء المسيحيين على ثغر ذي أهمية جغرافية استراتيجية بالنسبة للمغرب؟ فالمغاربة أصبحوا جميعا، بسبب هذا الحدث، «يجدون في نفوسهم غصة وفي جنوبهم شوكة من بقاء هذه المدينة فريسة بين الوحوش الضارية النصرانية».
عبد المالك ناصري
تتمة الملف تجدونها في العدد 63 من مجلتكم «زمان»