شكلت معركة الزلاقة مرحلة لبناء تجربة وحدوية بين المغرب الأقصى والأندلس، ومع أفول الدولة المرابطية، سارع الأندلسيون إلى مبايعة الخليفة الموحدي عبد المؤمن.
عرفت الأندلس في مطلع القرن 5هـ/11م أزمة سياسية عجلت بانهيار الخلافة الأموية، مما جعل البلاد تدخل في طور من الصراع السياسي والتطاحن العسكري بين عدة زعامات نتج عنهما تمزق الوحدة السياسية لشبه الجزيرة، حيث استقل كل زعيم بمدينته، فظهرت فسيفساء من الإمارات تم التعبير عنها في المصادر التاريخية بإمارات الطوائف. وكانت مملكة بني عباد بإشبيلية إحدى أقوى هذه الإمارات.
ابن تاشفين يعبر إلى الأندلس
لقد صادف هذه التجزئة السياسية ظهور أطماع عسكرية عند الممالك المسيحية، مما جعلها تكتسح أراضي الأندلس، وتفرض على ملوكها التزامات مالية مقابل الهدنة، مما أثر بشكل سلبي على مواردهم المالية، فظهر تيار تشكل من فقهاء المالكية، وانضم إليه بعض الأمراء، وعلى رأسهم المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية، والذي نادى بضرورة الاستنجاد بالمرابطين، القوة السياسية الصاعدة بالمغرب الأقصى، من أجل حماية الأندلس، وإنقاذ البلاد من الغزو العسكري للممالك المسيحية. وهكذا، قامت الجيوش المغربية، بقيادة يوسف بن تاشفين، بالعبور إلى شبه الجزيرة، فكان انتصار المرابطين في معركة الزلاقة على جيش “ألفونسو السادس” سنة 479هـ/1086م بمثابة مرحلة جديدة لبناء تجربة وحدوية بين المغرب الأقصى والأندلس، تنطلق من جنوب البحر المتوسط باتجاه الضفة الشمالية لهذا البحر.
إن ما ميز التجربة الوحدوية المرابطية هو ارتباطها بأداء وظيفة أمنية تحت الطلب لإنقاذ هذا الجزء من الغرب الإسلامي وتأجيل سقوطه، ولم يتحقق هذا المشروع الوحدوي إلا بعدما وقع الاستنجاد بالجيش المرابطي أكثر من مرة. ولما تم هذا الأمر، اكتشف ابن تاشفين تواطؤ بعض أمراء الطوائف مع الممالك النصرانية، فعزم بذلك القضاء على سلطتهم وتوحيد الأندلس، خصوصا بعدما حصل على موافقة الخلافة العباسية، ومباركة فقهاء المشرق الإسلامي، وخاصة منهم الإمام أبو حامد الغزالي الذي أفتى بشرعية حكم ابن تاشفين بضم الأندلس تحت سلطته.
محمد العمراني
تتمة الملف تجدونها في العدد 65 من مجلتكم «زمان»