خلال فرض الحماية على المغرب، تحولت قضية الجزائريين المتواجدين بالمغرب إلى محل نزاع بين الجانبين الفرنسي والإسباني؛ فمن جانب فرنسا، دافعت عنهم واعتبرتهم “رعايا فرنسيين”، بينما امتنع الإسبان عن تمتيعهم بكامل الحقوق. فما قصة الجزائريين بالمنطقة الخليفية بالمغرب؟
ارتبط وضع الجزائريين بالمغرب على امتداد قرون عديدة، وعلى الرغم من التقسيم السياسي والحدود الجغرافية بين الجارين، إلا أن علاقة الجزائريين وارتباطهم بالمغاربة ظلت وثيقة، مبنية على أواصر الدين واللغة. لكن خلال القرنين 19 و20، بدأت أوضاع الطرفين تتوتر بسبب رزحهما تحت نير الاستعمار الأجنبي. على إثر الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة ،1830 أضحى المغرب مقصدا للجزائريين الفارين من المحتل الجديد، وكذلك للمقاومين الطامحين لتحرير بلادهم، فلجأوا إلى المدن المجاورة ولشمال المغرب. وقد أعطى السلطان عبد الرحمان بن هشام أوامره للقياد باستقبال الجزائريين والترحيب بهم. نقرأ مثلا في رسالته إلى قائد تطوان يقول: «كل من ورد منهم قابله بالبشاشة والقبول، واجبر خواطرهم بالإكرام ولين الجانب، فإن جبر القلوب واجب، وأحرى بإخواننا المسلمين الذين قهرهم العدو». كما قرّب بعضهم وجعلهم في مناصب القضاء، وخصص للشرفاء منهم أعطيات تقدم لهم خلال المناسبات والأعياد. من جهتها، آثرت بعض العائلات الجزائرية الاستقرار بالمغرب والتوغل فيه وصولا لمدينة فاس وغيرها، واندمجوا في المجتمع المغربي نظرا لما لقوه من دعم شعبي لكل فئاتهم. وبتزايد أعدادهم، سمح لهم المخزن بتأسيس نقابة خاصة يرأسها نقيب الشرفاء التلمسانيين. ابتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأت أحوال الإيالة الشريفة تتغير، وذلك بدخولها في حرب مع الجانب الإسباني سنة ،1859 فأدت هزيمتها إلى إضعاف قوتها وتدهور أحوالها. وكانت فرنسا وإسبانيا، حينها، تضعان شمال إفريقيا نصب أعينهما .ثم انتظرتا حتى سنة 1880 ليفتح مؤتمر مدريد الطريق نحو مساعيهما، وبعده مؤتمر “الجزيرة الخضراء“ سنة 1906 الذي أعلن خلاله عن اقتسام “الكعكة الإفريقية“ بين الدول الأوربية.
تتمة المقال تجدونها في العدد 113 من مجلتكم «زمان»
غسان الكشوري