توجد أوجه تشابه كثيرة ما بين المعتقد فيما يخص الجن أو ”الجنون” بين المشارقة والمغاربة، كما أن الكثير من المعتقدات وصلت إلى الأمازيغ من بلاد السودان.
تمتح الثقافة الشعبية المغربية من المعجم العربي، فيما يخص الجن، مع تحوير طفيف في النطق. يستعمل المغاربة مصطلح الجنون الذي هو مصدر في اللغة العربية، في صيغة اسم، بصيغة الجمع، أي ما يطابق الجن في العربية. أما الجنون في العربية فهو صفة. ومادة الكلمة من جنّ، أي خفي، ومنه جنَّ الليل حين تشتد ظلمته، والأجنة لأنها لا ترى، والجن كذلك، لأنها لا ترى، وإن كانت تعايش الإنسان، وتسكنه، وتظهر له، أو تنتهي للإنسان أصواتها، وتخلف آثارها، وتتناسخ في الحيوان والنبات والجماد .يمكن أن تظهر لمن أصابته، أو لمن له كرامة، كي يخرجها من مخبئها حين تسكن الإنسان، ولكن يظل الأمر استثنائيا. وتستعمل الدارجة المعجم العربي إلى جن وجنية، وجنت (في الأمازيغية) كلمات أخرى منها عفريت، وشيطان، وإبليس، والروحانيين، والشين، وجمعه الشنين (كما في الساقية الحمراء وعند الطوارق)، للتدليل على الجن. وتضيف إليها مصطلحات مغربية صرفة، منها شمهروش، وهو ملك الجن، وعيرود، وعاقسة، والتابعة، وللا ميرة، ولملوك، لمسلمين، أيت مروت، (أهل الأرض بتاريفيت، إدغام أيت ثمورت). ويمكن أن يرِد التعبير في صيغة إضافة، منها أصحاب المكان، أصحاب الأرض، رجال لله، رجال المخفية، أيت ربي (عند أيت سوسي)، أو صفة كما لرياح، (والغالب أنه تحوير للأرواح، وليس للريح كما ذهب ويسترمارك). أما من أصيب بالجنون، فهو مجنون، ومملوك، ومصاب، ومخلوع (أي انخلع عقله بتأثير صدمة، فحصل لها انزياح مفاهيمي وأضحت تعني الخوف)، أو مزعوط، (والزعطة هو العزوف عن الأكل من شدة الصدمة، وتحول معناها إلى الهيام الشديد الذي يحول بين المرء ونفسه، وغالب الظن أنها تحوير للسحت)، وفيه لرياح.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 101 من مجلتكم «زمان»