بعد الانقلابين العسكريين، اللذين كادا يعصفان بنظام الحسن الثاني في السبعينات، اتخذ الملك الراحل مجموعة من الإجراءات استهدفت تحجيم دور الجيش في الحياة العامة والحد من تغوله.
منذ سنة 1956 تاريخ رحيل سلطات الحماية الفرنسية عن المغرب، شكل الجيش بالنسبة إلى القصر أداة هامة لتثبيت ركائز حكمه. هكذا، مكن القصر الجيش من كل الموارد الضرورية ووضع فيه ثقة عمياء. فقد كان الجيش يمثل، في بداياته، عينة ممتازة لما هو عليه حال المجتمع المغربي خلال هذه الفترة. حيث كان مكونا من فئات نخبوية، وفي الحين ذاته من فئات غير نخبوية، وممثلا للعديد من الجهات، على الرغم من أنه وبقوة الاعتبارات العسكرية، كان جيشا تتحكم فيه النخبة. سعى النظام، إذن نظرا لحساسية هذه المؤسسة وخطورة وأهمية وظيفتها الأمنية، إلى التحكم في بنياتها والانفراد في الإشراف على تحديد هرميتها القيادية، فكان تأسيس الجيش مبنيا على ثابتي الولاء الشخصي والولاء السياسي للملك. غير أن هذا الحرص الملكي على وضع الجيش، في إطار مغلق وجعله ضمن مجاله الخاص، سيؤدي إلى تكون نوع من الفيودالية العسكرية، التي ستصبح عرضة لمختلف التأثيرات الخارجية والمصالح الخفية بدون إمكانية لمراقبتها أو التحكم فيها، كما عبر عن ذلك، في إبانه، المهدي بن بركة الذي صدقت نبوءته حينما صدم النظام بمحاولتي الانقلاب العسكري سنتي 1971 و1972.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 51 من مجلتكم «زمان»