أدت الحروب والفتن، التي عرفها المغرب خلال القرنين 14 و15م، إلى ركود الإنتاج الفلاحي وبالتالي إلى مجاعات تسببت في إنهاك ديموغرافي.
عرف القرنان 14 و15م مجموعة من الاضطرابات السياسية تمثلت بالخصوص في حروب كانت لا تنتهي إلا لتتصاعد من جديد. فقد شكلت الحرب خلال هذه الحقبة التاريخية «ظاهرة بنيوية، حدد بنيويتها حاجة الدولة إليها للوصول إلى الملك وخيراته، وأداة للحفاظ عليه واستمراره، وأطر استمرارها طبيعة الدولة التي انبثقت أصلا من بنية قبلية تعتمد الحرب وسيلة للحفاظ على الذات واستقلالها. مما كرس حضورها، ورسخ مؤسساتها». وليس الغرض الحديث عن الاضطرابات السياسية والبحث عن أسبابها وتطوراتها، بل معرفة الآثار التي خلفتها على الفلاحة. بدأت أهم حلقات الاضطرابات السياسية في المغرب خلال الحقبة المبحوث فيها بوصول المرينيين إلى المغرب واستيلائهم على السلطة، واستمرت حتى حكم أبي سعيد الأول. أما المرحلة الثانية، التي يمكن اعتبارها مرحلة انتقالية، فشملت عهد السلاطين أبي سعيد وأبي الحسن وأبي عنان. وبدأت المرحلة الثالثة مع وفاة هذا الأخير، واستمرت حتى نهاية القرن 14م. أما المرحلة الرابعة والأخيرة فتغطي القرن 15م، وتميزت بخاصيتين أساسيتين: أولاهما الانكماش الكبير للسلطة في فاس مع ما رافقه من ظهور لبعض النزاعات المحلية، وتدهور متزايد للأمن، وثانيهما بداية الغزو الإيبيري للسواحل المغربية والمناطق المجاورة لها.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 51 من مجلتكم «زمان»