تبنى نظام الحكم بالمغرب، منذ القديم، شارات أو طقوسا أو مراسم تميز الحاكم، بمظاهر العظمة والأبهة، عن الحاشية والرعايا. وكان طبيعيا أن تتطور تلك الشارات مع تداول الأيام وتعاقب الدول على حكم المغرب، وأيضا بفعل الاحتكاك بالآخر، كما كان طبيعيا أن يندثر بعضها وتبرز أخرى.
وقد تنوعت ما بين اللباس ولونه المحصور فقط على الحاكم، وما بين هندسة القصور الفخمة، وبناء المساجد الضخمة والدعاء للسلطان على منابرها. شملت أيضا، سك النقود وتضمينها عبارات ذات حمولة دينية. ومنها كذلك، المظلة التي كانت تعتبر مرادفا للسلطان. يتطرق الملف، الذي تقترحه عليكم مجلة “زمان”، إلى مختلف الشارات التي تبناها السلاطين المغاربة، وإلى حمولاتها الرمزية والسياسية.
أول شيء يميز السلطان بالمغرب هو لقبه، وقد أضحى اللقب منذ الموحدين هو أمير المؤمنين، ذلك أن يوسف بن تاشفين مثلا، كان يلقب بأمير المسلمين. ومن علامات الملك، أو السيادة بالمصطلح الحديث، ضرب السكة، إذ يعمد كل سلطان أن يضرب النقود باسمه. ويتميز السلطان بطقوس تمييز عن غيره، منها أنه الوحيد الذي يستظل بالمظل الذي يحمله خدم له، ويعتبر المظل مرادفا للسلطان، ولذلك يقال عن السلطان “مول المظل“، وغالب الظن أن تلك الطقوس إفريقية، أخذها جنود المنصور في غزوتهم للملكة سونغاي حيث تين بوكتو (تمبكتو). وإذا استعمل ممثل ما المظل، فيعتبر ذلك تمردا وشقا لعصا الطاعة، ولذلك كان ينظر لخروج خليفة السلطان بتطوان إبان الحماية بالمظل، بكثير من النفور. ومن الأشياء المميزة للسلطان كذلك، دون سواه، هو الدعاء له في صلاة الجمعة. وكان السلطان أو الحاكم يتميز بخاتم يوقّع به مراسلاته، وتطور الأمر المغرب كما في غيره إلى طابع، يضعه على الظهائر يحمل اسمه، وقد يقترن بجملة ما من قبيل “بركة محمد“، “أو العز لله” “ أو العز والتمكين لأمير المؤمنين“، أو “الجبار المتكبر“، أو بيت البوصيري، من بردته، «ومن تك برسول نصرته، إن تلقه الأسْد في آجامها تجم»، أو كليهما.
لا ينحني السلطان لأحد، بما فيهم ضريح المولاي إدريس الأكبر، حيث توضع خشبة ينحي كل شخص يزور الضريح، وتزاح حين يحل السلطان. مثلما أن السلطان لا يحضر الأعراس ولا المآتم، ولا يحج، إلا إن فعل قبل أن يتولى الأمر.
هيئة التحرير
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020