تفنن سلاطين بني مرين في اختيار لباسهم، سواء في فترتي السلم أو الحرب، لكن مع الالتزام بما ينص عليه الشرع.
عتبر ابن خلدون اللباس من أهم الشارات السياسية للسلطة الحاكمة، «تقتضيها الأبهة والبذخ، فيختص بها [السلطان]، ويتميز بانتحالها عن الرعية والبطانة وسائر الرؤساء في دولته. فحسن الزي تعظيم للأمر، وتفخيم له به ترسيخ هيبة الدولة، وتضفي عليها طابع الإجلال والوقار، وهو جزء لا يتجزأ من مراسيم أخرى». هذا الوصف الخلدوني للباس السلطان لا نجد عنه معطيات ذات بال في مصادر العصر المريني باستثناء إشارات قليلة متزامنة مع قوة الدولة المرينية، تُظهر تفنن السلاطين المرينيين في لباسهم في حالتي السلم والحرب، وحرصهم على ترتيب معين في التزيي يليق بمكانتهم كحكام، وسعيهم إلى ترسيخ بعض التقاليد الخاصة باللباس، أو تجديدها مراعاة للتطور، مع محاولتهم الالتزام بالتشريعات الدينية ذات الصلة.
لباس حالة السلم
معلوم أن كل الدول المركزية التي حكمت المغرب خلال العصر الوسيط ذات أصول قبلية بدوية ومنها الدولة المرينية. لذا كان بديهيا أن يكون لباس حكام طور بدايات الدولة قريبا من لباس طور الخشونة، بالمفهوم الخلدوني، مرتبطا بالنمط القبلي، فلبسوا «الكساء والقلنسوة والبرنس والسراويل من نسيج صوف»، ليبدأ هذا النمط في التغيير شيئا فشيئا مع طور الحضارة، طور الترف والدِّعَة وما يلازمه من إظهار هيبة الدولة وأبهتها، حين يصبح لباس الحكام جزءا لا يتجزأ من رموز السلطة، لاسيما أن سلاطين بني مرين استقر رأيهم على اتحاذ مدينة فاس عاصمة لهم، وهي التي وصلت طورا حضاريا متقدما، فرض عليهم الاندماج في محيطهم وعاداته.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020