حرص الموحدون على جعل النقود إحدى شارات الحكم الدالة بتضمينها عبارات دينية تحيل على إيديولوجية زعيمهم الروحي المهدي بن تومرت.
تعد النقود أحد أهم الرموز الأساسية الدالة على سيادة دولة ما، وقد وقع الاختيار على حالة الدولة الموحدية من بين دول أخرى حكمت مغرب العصر الوسيط للحديث عن هذا الموضوع، اعتبارا لكونها تعد أقوى تجربة سياسية عرفها مغرب العصر الوسيط، والأكثر تنظيما على المستوى “الإداري”، والأهم من ذلك، أنها أكثر وضوحا على المستوى الإيديولوجي.
الإيديولوجيا التومرتية
اضطلعت الإمامة والمهدية بدور محوري في إيديولوجية الزعيم الروحي للموحدين المهدي بن تومرت، وهو الذي طبع بإيديولوجيته هاته جل مراحل الدولة الموحدية. على هذا الأساس، تبوأت فكرة الإمامة مكانة مركزية في النقود الموحدية، وحضرت بصيغ متنوعة تعكس التحولات السياسية والإيديولوجية للدولة. فمنذ المرحلة الانتقالية من المرابطين إلى الموحدين، حضرت في السكة الموحدية عبارات من قبيل: «الإمام الحق»، و«مهدي الدين الذي بشر به رسول لله». وما إن نجح عبد المؤمن
(558-525هـ/1163-1130م)، أول خليفة موحدي، في إقامة أركان الدولة الموحدية، حتى عكست السكة هذا التوجه، فضمنت الدنانير الذهبية عبارات من قبيل «المهدي إمام الأمة القائم بأمر لله»، و«المهدي خليفة لله». ولم يقتصر الأمر على العملة المضروبة باسم الخليفة، بل شمل السكة التي ضربت باسم ولي العهد محمد بن عبد المؤمن حيث وردت فيها عبارة “المهدي إمام الأمة”، في حين حملت الدراهم المربعة عبارة “المهدي إمامنا”.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 75 من مجلتكم «زمان»، يناير 2020