“نادرة الزمان” و”أعجوبة العصر والأوان”، هكذا وُصِفَت رحلة الناصري. هي حصيلة عام ونصف من السفر إلى مكة والوقوف على المشاهد والآثار ومجالسة العلماء والأولياء، أغناها الناصري بالمعلومات والاستطرادات، والطرائف والنوادر، فكانت كما أراد لها، صاحبها، ديوان علم وسمر.
منذ النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، تصدت الزاوية الناصرية لتنظيم ركب حاج خاص بها، وكان شيوخها يقودون الركب الناصري إلى بلاد الحجاز. وقد دون بعضهم ما وقف عليه من المشاهد والآثار في رحلته. وتبقى رحلة محمد بن عبد السلام الناصري المسماة بـ«الرحلة الناصرية الكبرى» أهم هذه الرحلات إطلاقا، وهي تتويج لرحلات الناصريين إلى المشرق، خاصة أنها الأخيرة.x
أما صاحبها الناصري فكان أكثر علماء البيت الناصري علما، وأوسعهم رواية، وأجسرهم قلما، وأعلاهم إسنادا. وصفه عبد الحي الكتاني بـ«نادرة المغرب»، وقال عنه أحمد بن خالد الناصري إنه “كان علامة أديبا فقيها محدثا حافظا فاضلا، لم يأت بعد الشيخين في آل ناصر من هو أعلم منه”.
محطات على الطريق
بعد صلاة ظهر الخميس ثالث جمادى الثانية سنة 1196هـ (18 ماي 1782م) استهل الناصري رحلته المعروفة بـ«الرحلة الناصرية الكبرى»، فخرج من زاوية تامكروت في درعة قاصدا سجلماسة. في الطريق، وصف الناصري الأماكن والمراحل وأهوال السفر من العطش الشديد وقلة الماء وشدة الريح التي هبت على الركب، فقلعت الأخبية وملأت العيون والآذان حتى لا يكاد الرجل يفتح عينيه. لقد كانت الطريق من درعة إلى سجلماسة، بوصف الناصري، «قطعة من الحجاز من قلة الماء وشدة الخوف».
خالد الغالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 3 من مجلتكم «زمان»