ماذا نعرف عن فن ”تيرويسا” غير أنه فن غنائي له امتداد في الثقافة الشعبية الأمازيغية .لكن الأمر أبعد من هذا الحد، فالتاريخ الموسيقي بالمغرب يكشف لنا عن جوانب دفينة خلف هذا التراث الأمازيغي. والمثير في قصة هذا الفن أن أعلامه من أبناء المدارس القرآنية، وأنهم قاوموا بشعرهم الغنائي وجود الاستعمار، وذاقوا بسببه مرارة السجون.
تستمتع الأجيال الحالية، بفضل ما توفره التكنولوجيا، بفن كاد يندثر لولا الحفاظ عليه من جيل إلى جيل، ليس فقط بالمناطق الأمازيغية، بل نقله أصحابه وجالوا به كل ربوع المملكة، الأمر يتعلق بفن الروايس (تيرويسا). وإلى جانب أنماط موسيقية أخرى عريقة من تاريخ المغرب، صقل أعلام “تيرويسا“ مواهبهم، وتحملوا أعباء صونه. بل إن رواده الأوائل واجهوا المستعمر زمن الحماية
(1956-1912)، ونالوا بسببه قسطا من الاعتقال والتعذيب. لكن ورغم كل العثرات التي مر بها هؤلاء، إلا أن أنهم تحسروا أكثر، لأن “تهميشا متعمدا“ طالهم بعد استقلال المغرب، واستمر طويلا قبل أن يعيد العهد الجديد، من خلال المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الاعتبار لتراثهم الفني.
إن الحديث عن فن الروايس وعن أدواره في مقاومة الظلم والقهر زمن الحماية، يستوجب الوقوف أولا عند وضع الشعر الأمازيغي وتاريخه عموما في المغرب .إذ تعكس الأشعار، التي تناقلتها الشعوب الأمازيغية، جانبا من لجوء المغربي إلى شتى وسائل النضال ضد أي مستعمر، بما فيها الشعر. وإن كان النص المكتوب لم يحتفظ بما كان يتغنى به الأمازيغ خلال الفترة القديمة، مما يصعب التأكيد على وجود قصائد مكتوبة تخلد معركة معينة حسب معظم الباحثين، فإن الذاكرة الجماعية، في المقابل، تحفظ ما تناقلته الأجيال شفاهيا، رغم ما شابها من نسيان وتحريف، بحكايات ملحمية و“أسطورية” منسوجة على طريقة النظم والشعر، وذات أبعاد رمزية عن مقاومة القبائل لكل أشكال الظلم والحيف.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 114 من مجلتكم «زمان»