ظهرت الإشارات الأولى إلى الرب باعتباره شرابا لزجا مكونا أساسا من العنب خلال العصر الموحدي، على أن صناعته تعود «إلى فترة حضارات التاريخ القديمة كالحضارة الرومانية».
كانت طريقة صناعة الرب تتطلب وقتا أطول من صناعة الخمر، ففي جبال درن، حيث سمي «أنزير» حسب الإدريسي أو «أنريز» في مصادر أخرى، فقد كانوا يطهون عصير العنب الحلو حتى يتبخر منه ثلثه، فـ»يزال عن النار، ويرفع ويشرب». أما عصير العنب «الرديء، فكان يجب أن تنقص منه نسبة الربع».
وقد عبر أبو عثمان بن الشيخ أبي جعفر بن ليون التجيبي عن طريقة صناعة الرب شعرا فقال:
الرب طبخ صفو ماء العنـب
بعد قعود ثقله المجتنــــــــــــب
للثلث في الطيب أو للربــــع
في العنب الرديء ذا الباني رع
واطبخه مع ماء يزاد وتزال
رغوته مدة طبخه اتصـــــــــال
لا يعني هذا أن الرب، بصيغة المفرد أو الربوب بصيغة الجمع، اقتصرت مادته الأولية على العنب، وإن طغت عليه، فقد صنع أيضا من جملة من الفواكه، «بعد طبخها بالماء وتصفيتها»، منها التوت والسفرجل والرمان والتمر…، ولعل اختلاف المجالات وتنوعها أسهم في هذا التنوع.
حمل الرب بعد العصر الموحدي أسماء أخرى كـ«الدِّبس والصامت وغيرها من الأسماء التي اختلفت عبر التاريخ والجهات».
يبدو أن جبال درن، في الأطلس الكبير، كانت المجال الأشهر لصناعة الرب في المغرب، فقد اشتهر المصامدة بذلك، خاصة خلال العصر الموحدي، ولا يعرف ما إن كان أهل هذا المجال قد استمروا في عادة إنتاج الرب بالنظر إلى أن الوزان، الذي جاء متأخرا عن العصر الموحدي بقرابة أربعة قرون، لم يشر إلى إنتاجه عندهم. لا يعني هذا أن إنتاج الرب اقتصر على جبال درن، وإنما عرفته العديد من المناطق الجبلية المغربية.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 28 من مجلتكم «زمان»