ما هو التاريخ الحقيقي للمغرب مع الكنيسة؟ لماذا حاول البابوات “نصرنة” سلاطين المغرب في العصر الوسيط؟ متى توقفوا ولماذا؟
قد يفاجأ المرء لما يعلم أن سلاطين المغرب كانوا، على امتداد قرنين أو أكثر، موضع اهتمام الكنيسة التي حاولت “تنصيرهم” أو “نصرنتهم”. بل وقد يصدم أيضا، والسبب بسيط؛ فالتاريخ الإسلامي الرسمي، العربي والمغربي على الخصوص ومنه المغربي، يزخر بقصص “العلوج”، من طبقة الفئات الشعبية وأيضا من النبلاء علية القوم، بغض النظر عن الملوك والأمراء المسيحيين، الذين اعتنقوا الإسلام، أو على الأقل كانوا على وشك الدخول فيه.
وحتى الثقافة والذاكرة الشعبية لا تحافظ إلا على قصص، أساطيرا كانت أم وقائع تاريخية، لعلوج ونصارى و«كفار ومشركين» اعتنقوا الإسلام. أما العكس، فلا وجود له في المخيال الشعبي.
يبدو الأمر بديهيا، لأن المعروف والمتداول أن ميزان القوى كان يميل، عبر القرون وحتى مراحل متقدمة من العصر الوسيط، لكفة العرب والمسلمين، على حساب “الإفرنج” المسيحيين. هذا ما تشهد به كتب التاريخ المتداولة بيننا بشتى أشكالها.
إلا أن هذه “الحقيقة” تبقى نسبية، إن لم نقل نظرية فقط. فإن كان السلطان مولاي إسماعيل حاول “أسلمة” ملك الإنجليز الذي أسماه “يعقوب” (وهو جاك الثاني)، فيما يشبه “النصيحة”، على عهد الملك لويس الرابع عشر، المعروف بملك الشمس، في أواخر القرن السابع عشر، فإن الأمر كان، خلال قرون مضت، يكاد يكون طبيعيا، خصوصا في الاتجاه المعاكس.
الأمر يتعلق بالدين؛ فالمولى إسماعيل، وفي المقابل الملوك المسيحيون والباباوات أيضا، كانوا متشبثين بدينهم وبنصرته على حساب الآخرين. فكانوا بدون شك صادقين. إلا أن المقاربة الدينية لوحدها لا تفسر المسألة، التي كانت أكثر تعقيدا. الواقع أن المقاربة “الدنيوية”، أي السياسية والحربية، إن لم نقل الواقعية، هي التي كانت لها حصة الأسد. ولنفهم أكثر ظاهرتي “الأسلمة” و”النصرنة”، لا بد من التوقف عند محطات معينة من التاريخ المشترك بين النصارى والمسلمين، وأيضا بين المغاربة والأوربيين.
كريم البخاري
تتمة المقال تجدونها في العدد 78 من مجلتكم «زمان»