أسهمت الأصول البدوية لسلاطين المغرب، في العصر الوسيط، في عدم اهتمامهم بالحرف والصنائع التي يقوم عليها اقتصاد المجتمع الحضري.
جميع السلط المركزية التي حكمت المغرب خلال العصر الوسيط كانت من أصول بدوية. لذلك، لم تكن ملكة الصنائع مستحكمة فيها. ولا يظهر، من خلال المؤشرات المصدرية أنها بلورت سياسة للنهوض بالمجال الحرفي، مع استثناء التجربة الموحدية إلى حد ما، لاسيما أن مواردها الاقتصادية الأساسية اعتمدت على عائدات التجارة البعيدة المدى، وما كانت تجنيه من ضرائب بمختلف أشكالها، ولم تشذ الدولة المرينية عن هذا الإطار. فكيف حدث ذلك؟
لا غرو أن الطبيعة البدوية للمرينيين والوطاسيين من بعدهم، ونظرة البدو للحرف عموما، كان لها أثرها في توجيه سياستهم الحرفية، فباعتبارهم من القبائل الموغلة في البداوة، وبابتعادهم عن طبيعة العمران الحضري، وما يدعو إليه من الصنائع وغيرها، فإنهم لم يولوا اهتماما بينا بها، «يشهد لك بذلك قلة الأمصار بقطرهم .(…) فالصنائع بالمغرب لذلك قليلة وغير مستحكمة الأماكن [إلا ما كان] من صناعة الصوف من نسجه والجلد في خرزه ودبغه، فإنهم لما استحضروا بالغوا فيها المبالغ لعموم البلوى بها وكون هذين أغلب السلع في قطرهم، لما هم عليه من حال البداوة».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»