اشترك المهدي بنبركة وهنري كورييل في تكريس حياتهما لمناهضة الاستعمار وتحرير الشعوب، قبل أن يفقدا حياتهما، معا، في ظروف غامضة.
عندما يدرس المرء السير الذاتية للرجلين عن كثب، يصاب بالذهول أمام الشبه الذي ميز حياتهما القصيرة. فقد اغتيل المهدي بنبركة في باريس يوم 29 أو 30 أكتوبر .1965 ولقي هنري كورييل المصير نفسه في نفس المدينة بعد ثلاثة عشر عاما في يوم 14 ماي .1978 وما تزال ظروف اختفائهما غير واضحة حتى يوم الناس هذا .لكن هذا ليس وجه الشبه الوحيد بين مصير الشخصيتين.
يخصص المؤرخ رينيي كَاليسو، في كتابه “هنري كورييل: الأسطورة على مقاس التاريخ“، عدة فصول وأقسام للمسارات المتقاطعة للمفقودين الشهيرين وعملهما الدولي المشترك لصالح حركات تحرير الشعوب المستعمرة أو التي استقلت حديثا لتقع تحت تأثير الاستعمار الجديد. كلاهما انخرط في النضال من أجل استقلال الجزائر والقضية الفلسطينية وتحرير إفريقيا السوداء.
ينحدر هنري كورييل من عائلة يهودية مصرية .كان ماركسيا حتى النخاع، وثوريا لا يتردد في دفع نفسه، بالجسد والروح، للدفاع عن الحركات التقدمية، القومية والاجتماعية، في نصف الكرة الأرضية الجنوبي. ساهمت طاقته التي لا حدود لها ونشاطاته وشجاعته الجسدية ومثاليته الإنسانية الشاملة في تقربه من مؤسس حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. التقى الزعيمان أكثر من مرة وعملا معا، لا سيما في فرنسا والمغرب العربي .كان كورييل من نفس جيل بنبركة، أحدهما ولد في القاهرة والآخر في الرباط .إذا كان الأخير قد ولد في حي للطبقة العاملة وسط عائلة متواضعة اقتصاديا، فإن كورييل ينحدر من عائلة ثرية من المصرفيين. ولكن مثل بنبركة، وقع كورييل في حب الأفكار التقدمية منذ سن مبكرة.
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 92 من مجلتكم «زمان»