شكلت أبواب مراكش مصدرا لقوة المدينة وهيبتها لدى سكان المدينة الحمراء. ومثلما اشتهرت برجالاتها السبعة، فمراكش تشتهر بالعديد من الأبواب، ولكل واحد منها قصة وشهرته الخاصة. أحد الأبواب ارتبط بالشريعة، والآخر ارتبط بشراب “الرُّب”، فما حكايتهما؟
بالقسم الجنوبي الغربي من سور المدينة، يوجد “باب الشريعة”، الذي يرتبط اسمه في تاريخ مدينة مراكش ببابين، الأول منهما مرابطي والثاني موحدي، أما باب الشريعة المرابطي فتزامن بناؤه مع بناء السور، ووقع هدمه ابتداء من السابع عشر من شهر غشت من سنة 1183م، وذلك لبناء حومة أكادير الموحدية المعروفة اليوم بسيدي ميمون، فقد ذكر ابن عذاري أن الموحدين “اتفق رأيهم على زيادة مدينة متصلة من جهة القبلة، فرجعوا إلى الخليفة وأعلموه بذلك، فرأى رأيهم وأمضى سعيهم وأمر العبيد والرجال بهدم السور القديم بجهة باب الشريعة”.
أما بالنسبة لموقعه، فمن الصعب بل من المستحيل ضبطه لكونه أمسى جزءا من حومة أكادير. من جهة أخرى نجد بابا آخر غير هذا الباب، حمل هو الآخر اسم باب الشريعة زمن حكم الموحدين، اجتهد غاستون دوفردان وشارل آلان في توطينه، فاقترحا مطابقته مع ذلك الباب المغلق، بسبب إنشاء ضريح الإمام السهيلي قبالته، بالقسم الجنوبي الغربي من سور مراكش، لكن محمد رابطة الدين اعترض على هذا التوطين مستندا على مجموعة من الملاحظات من بينها وجود ضريح الإمام السهيلي وجبانة الشيوخ المخزنية بذلك الموقع ابتداء من تاريخ الشروع في بناء حومة أكادير الموحدية وهو ما يعيق الوظائف المَنُوطة بالباب. ويقترح في المقابل البحث عن باب الشريعة الموحدي في الزاوية التي يلتقي عندها خطا الواجهتين الجنوبية والغربية من السور لاعتبارات عِدة فصّل ذكرها في أطروحته. كما عُرف “باب الرب”، أيضا، باسم “باب القصر”، وقد ارتبط اسمه منذ العهد الموحدي بمشروب الرُّب [اشتهر بخمر الموحدين]، وهو شراب [يقال إنه] غير مسكر، كان يدخل للمدينة عبر هذا الباب دون غيره من الأبواب لإحكام مراقبة تدفقه على المدينة، بعد إنتاجه في الأطلس الكبير الغربي.
انظر عدد 28 من مجلة “زمان” (العربية).