التقت السلفية الجديدة مع السلفية المجددة في الدعوة الإحيائية إلا أنهما اختلفتا في تحديد التناقضات، فالأولى كانت أقل اعتدالا وأقل انفتاحا على الغرب، فيما كانت الثانية أكثر إيمانا بسلطة القلم أمام سلطة السيف.
يعتبر مفهوم «السلفية» من المفاهيم الملتبسة في الفكر العربي المعاصر، ويستعمل هذا المصطلح في اللغة العربية بمثابة اسم تمييز، يميز تيارا فكريا وإيديولوجيا يدعو أصحابها إلى إحياء سنن وممارسات «السلف» أي الأجداد أو «السابقين»، من الذين اعتبروا «سلفا صالحا» وحددوهم في الرعيل الذي عاش في القرون الثلاثة الأولى بعد البعثة النبوية، وأحيانا قلصوا الفترة للاقتصار على الذين عاشوا بدايات الإسلام قبل ظهور الخلاف بين علي ومعاوية وظهور الفرق الكلامية.
تشكل السلفية، بهذا المعنى الإحيائي، ظاهرة بشرية ارتبطت بمختلف الحضارات والثقافات كما أنها ارتبطت عبر التاريخ بنوع من النقد الذاتي الذي فسر أزمات المجتمع بانحراف أهله وتخليهم عن قيم سابقة فحملت بذلك الإنسان مسؤولية واقعه ودعته إلى العودة وإلى إحياء ما تخلى عنه، وتوظيفه طريقا ووسيلة لحل المشاكل، وبذلك أخذت هذه الدعوات صفة دعوة إصلاحية رأت في قيم وممارسات ماض معين مفتاحا ممكنا لكل معضلات العصر. وبناء عليه شكلت السلفية ظاهرة تاريخية تكررت باستمرار وارتبط تكرار ظهورها بظهور نفس الأسباب الكبرى التي شكلت الأزمات سواء في وجهها الفكري أو وجهها السياسي، ومن صفة الظاهرة وصفة الظهور المتكرر عبر مراحل وفترات تاريخية معينة اكتسبت صفة «سلفيات».
محمد معروف الدفالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 8 من مجلتكم «زمان»