يأمل منظمو مهرجان كناوة أن يكون تنظيم كأس العالم ،2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، تجسيدا حقيقيا لثقافة الحوار ومد جسور التواصل. وارتأوا أن تكون مناسبة هذه الدورة فرصة لطرح قضايا شائكة منها الهجرة والحدود بين هذه البلدان المتجاورة.
تعتبر دورة مهرجان “گناوة وموسيقى العالم” لسنة ،2024 دورة استثنائية؛ فهي الدورة الخامسة والعشرون، أي ربع قرن من تاريخ المهرجان (دون احتساب دورتين بسبب ظروف كورونا)، واستثنائية أيضا لأنها اهتمت في بعض أنشطتها ببعض الجوانب التي تجعل المغرب ملتقى القارتين الإفريقية والأوربية. ركز منتدى المهرجان، منتدى حقوق الإنسان (الذي بلغ دورته الـ11، ويأتي ضمن فعاليات المهرجان)، على التاريخ المشترك للبلدان المنظمة لكأس العالم ،2030 وبلغة التاريخ: “الإمبراطوريات السابقة“: المغرب إسبانيا والبرتغال. هذه البلدان التي جمعها تاريخ مشترك، وتداخلت فيها العلاقات والوشائج بين البشري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني، لم يعد يكفيها الماضي، بل صار يجمعها المستقبل المشترك منذ اللحظة الراهنة إلى ما بعد مرحلة ،2030 حسب ما أكده ضيوف المنتدى. الصويرة التي اعتادت أن تكون مدينة للتعايش، وهي كذلك، فتح مهرجانها لهذه السنة «مساحات للنقاش والحوار والتبادل» كما قالت مديرة المهرجان نائلة التازي، فجاءت جلسات المنتدى تماشيا مع فلسفة المهرجان التي اعتادت الجمع بين التراث الموسيقي الكناوي وباقي موسيقى العالم، ولهذا وجه المنتدى دعوته إلى شخصيات بارزة من خلفيات متنوعة، ما بين السياسة والرياضة والفن والثقافة. في مقدمة هؤلاء الشخصيات، حضر رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق خوسي لويس ثاباتيرو، وأكد أنه لا يمكن فهم تاريخ المغرب، دون فهم تاريخ إسبانيا والبرتغال، وهو ما ثمّنه باقي المتدخلين بخصوص البرتغال. إذن هو مثلت مشترك لا يمكن فهمه إلا باستحضار زواياه الثلاث. ثاباثيرو الذي بدا وواثقا في حديثه ومفتخرا من التنظيم الذي سيجمع المغرب وإسبانيا، أشاد بالتطور والمكانة التي بلغتها المملكة المغربية في الربط وتعزيز التعاون بين القارة الإفريقية والأوربية.
من ناحية أخرى، وبما أن القرون الماضية ليست وحدها ما صنعت تاريخ الدول الثلاث وروابطها، حسب الحاضرين، فإن التاريخ القريب: الأمس واليوم، أضحى هو الذي يحدد مدى صلابة تلك الروابط، وبلغة أدق: الإشكالات الراهنة لملتقى القارتين. لهذا، فإن الحدث الكروي جعل أنظار المنتدى تتركز حول قضية الهجرة والحدود، داعية لتصحيح النظرة النمطية والخاطئة التي ترى في المغرب بلدا «مصدّرا للمهاجرين إلى أوربا». ومن ثمّ كلما اقترب الموعد الكروي، كلما طرحت قضية اتفاقيات الهجرة بين البلدان أكثر، وطرحت بالتحديد مسألة التعامل مع تأشيرات الفيزا المخصصة للمغاربة. وهنا لا ضير من استحضار آخر التقارير الذي أشار إلى أن المغرب عرف في السنتين الأخيرتين تراجعا في معدلات قبول طلبات “شينغن“.
إذن، هناك تحديات ليست أمام المغرب وحده، كما قال الحاضرون، بل من جهة إسبانيا والبرتغال بالأساس، وهناك مهام ملقاة على عاتق الحكومات المقبلة. وبشكل عام، فقد أجمعت جلسات المنتدى على ضرورة الاستعانة وإشراك مجالات أخرى، إلى جانب السياسة والاقتصاد، كالثقافة والرياضة والموسيقى والرقص وكل الفنون من أجل تجاوز التحديات.