منذ العصور الأولى للإسلام، لم تكن علاقة المسلمين بالبحر مطبوعة بالود والارتياح، بل غلب عليها الحذر والارتياب، وتعددت فتاوى الحظر والتحريم، سواء بالمشرق أو المغرب، لدرجة المنع من الحج خشية من البحر.
كيف كان تفاعل المسلمين مع البحر في الزمن الأول للإسلام؟ وما هي أبرز فتاوى فقهاء المغرب والأندلس بخصوص البحر؟ وما أهم النوازل التي ارتبطت بالبحر في كتب المالكية؟ وكيف ارتبط اسم بعض الشخصيات المغربية بالبحر وطقوسه؟ رغم أن النصوص الدينية الإسلامية الأصلية قد احتفت بالبحر، فقدمته منقذا للبشرية كما في قصة نوح والسفينة، وامتن القرآن بما في البحر من خيرات وأهميتها للإنسانية، وأرشد إلى استغلالها والاستفادة منها، إلا أن علاقة المسلمين بالبحر لم تكن ودية خلال القرون الأولى للإسلام، خصوصا مع ظهور بعض الروايات الحديثية التي كانت منسجمة مع البيئة الصحراوية التي خرج منها الإسلام، والتي كانت لا تعرف الماء إلا من خلال فتحات البئر أو بعض الجداول الصغيرة والنادرة، وهو ما كان يجعل البحر، باتساعه وأمواجه وسواحله، مثيرا للخوف والرهبة في قلوب أبناء المنطقة. ومن أشهر هذه المرويات قصة ابن صياد، حيث تحكي كتب الحديث عن أن النبي عليه السلام سمع، بعد وصوله للمدينة، عن طفل من اليهود يدعى ابن صياد، وأنه كان يتنبأ للناس ويفتيهم في أمور تخص مستقبل أيامهم، حتى ذاع خبره وانتشر بين الناس.
وجاء في ثنايا القصة، التي أوردها البخاري ومسلم في كتابيهما، أن النبي أراد أن يتأكد من حقيقته، فكان يذهب مع أصحابه متخفيا خلف جذوع النخل، ليسمع ما يقوله، وأن النبي وجده يوما يلعب مع أصدقائه، فأوقفه وقال: «يا ابن صياد، ماذا ترى الآن؟» فقال له: «أرى عرشًا على الماء». فغضب النبي وقال للطفل: «اخسأ فلن تعدو قدرك، إنما ترى عرش إبليس على البحر».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 110 من مجلتكم «زمان»