بالنظر إلى التاريخ المشترك الذي جمع المغرب والجزائر، فإن البلدين لم يشهدا فرض تأشيرة وأوراق العبور إلا مع مجيء الاستعمار .لكن خلال استقلالهما، لم يعودا إلى طبيعتهما التاريخية، بل تحكمت ظروفهما السياسية في حركة تنقل المواطنين. هنا الحكاية الكاملة لتأشيرة السفر.
في تطور مفاجئ للعلاقات المغربية الجزائرية، أعلنت وزارة خارجية الجزائر يوم 26 شتنبر ،2024 أنه تقرر «فرض تأشيرة دخول إلى أراضيها على المواطنين الحاملين لجواز سفر مغربي». لم يرد المغرب من جهته على جارته، ولم يفعّل مبدأ “المعاملة بالمثل“ كالذي قامت به الجزائر قبل 30 سنة .ولحد الآن، يمكن للجزائريين القدوم إلى المغرب دون الحصول على تأشيرة دخول، تفعيلا لمبدأ آخر، هو مبدأ “حسن الجوار“. يحيلنا هذا الحدث إلى التساؤل والبحث في ثنايا الموضوع عن تاريخ “الفيزا“ بين المغرب والجزائر، مع التذكير أن الخوض في تاريخ التأشيرة هو حديث في جوهره عن تاريخ الحدود وعن تاريخ الهجرات وحركة التنقل بين البلدين، وذلك خلال مراحل مختلفة: بدءا من مرحلة ما قبل الاستعمار، مرورا بالاستقلال ووصولا إلى فترتنا الراهنة. بالنظر إلى التاريخ الذي جمع الدول المتعاقبة على شمال إفريقيا، فإن الحدود الجغرافية كانت تتغير بتقلب أوضاع الحكم، ما بين توسع الدول وبين تقهقرها. ولم تكن الحدود واضحة المعالم بالشكل الذي تعيشه الدول الحديثة اليوم؛ إذ يمكن جعل الأودية أو الجبال حدودا بينها. وقد كان يغيب عن رعايا الدول مفهوم الحدود السياسية، نظرا لآصرة الدين أو القبلية التي تجمعهم، إلا أن الحكام المسلمين فرضوا رسوما على القوافل وعلى التجار خلال عبورهم من بلد إلى آخر.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 133 من مجلتكم «زمان»