عرفت بعض جهات المملكة، في الأسبوع الماضي، فيضانات خلفت خسائر بشرية ومادية، بعد هطول قياسي للأمطار، تذكر بفيضانات سابقة شهدها المغرب عبر التاريخ.
لقي أكثر من عشرة أشخاص مصرعهم وما يزال البعض في عِداد المفقودين، بسبب فيضانات عرفتها أقاليم طاطا والرشيدية وتيزنيت، التي “تأثرت أكثر بكتل هوائية استوائية غير مستقرة بسبب صعود استثنائي للجبهة المدارية جنوب البلاد، وتلاقت مع كتل أخرى باردة قادمة من الشمال ما أدى إلى تشكل سحب عنيفة وغير مستقرة”، وفق ما نُقِل عن مسؤول التواصل في المديرية العامة للأرصاد الجوية الحسين. كما تسببت السيول في انهيار حوالي 40 مسكنا وتضرر 93 طريقا، وإلحاق أضرار بشبكات التزود بالكهرباء والماء الصالح للشرب والشبكات الهاتفية.
والحال أن اليوم كما الأمس، أصبحت الكوارث الطبيعية المرتبطة بالفيضانات عنيفة ومميتة بشكل متزايد، خاصة أن الكثافة السكانية، وقرب الأنهار والروافد، وانعدام البنية التحتية، وعدم وعي السكان، كلها عوامل تجعل هذه المظاهر الطبيعية أكثر مأساوية. كما أن طبيعة المناخ شبه الجاف في المغرب تعرض البلاد لمخاطر كبيرة، إذ تخضعها لدورات مزمنة من الجفاف تتخللها نوبات فيضانات عنيفة، كما حدث في القرن العشرين، حيث تم توثيق الأحداث بشكل أفضل. مثلا، الذاكرة الجماعية لسكان مدينة صفرو ليست مستعدة بعد لنسيان الأحداث الفظيعة التي وقعت سنة 1950. ففي 25 شتنبر، انهمر واد أكاي بأقصى سرعة داخل المدينة، ووصل ارتفاعه إلى ستة أمتار وقتل أكثر من مائة شخص. وفي 23 ماي 1963، جرف تهر ملوية كل شيء في طريقه. لم يعرف عدد الضحايا، لكن عنف الفيضانات انتهى بتدمير قاعدة الضفة اليسرى لسد محمد الخامس. بعد عامين، جاء دور الحوض المائي زيز ليعاني من غضب الواديين اللذين يعبرانه. كانت النتائج مروعة. فقد كان 25000 من السكان شهودا على الدمار الكامل لمنازلهم. وفي الآونة الأخيرة، ما يزال فيضان وادي أوريكا في غشت 1995 يذكر بالمأساة، التي بحياة 150 قتيلا وتسجيل 88 مفقودا.
ورغم أن الفيضانات سجلت أكبر الخسائر في هذه المناطق بسبب فجائية وعنف التدفقات، إلا أن السهول الأطلسية وشمال البلاد لم تسلم بدورها. ففي هذه المناطق، يتسبب هطول الأمطار الغزيرة في أكبر الأضرار. في سنة 2003 وقعت فيضانات كارثية في عدة مدن مثل المحمدية أو الناظور أو الحسيمة. من المؤكد أن مناطق مثل الغرب تواجه هذا النوع من المواقف بشكل أكثر انتظامًا، ولكنها للأسف ليست مجهزة بما يكفي للتعامل معها.