استقطب القصر الصغير، بحكم موقعه الاستراتيجي، أجناسا بشرية منذ فترات غابرة، كما أثار أطماع الغزاة، واستمر في ضمان الاتصال بين حاضرة فاس ومملكة غرناطة.
أشارت المصادر القديمة إلى موقع القصر الصغير والمجال المحيط به باعتبار حيويته الملاحية منذ فترات غابرة .وكشفت الأبحاث الأثرية عن الكثير من البقايا التي أظهرت أن المكان استقطب الاستقرار البشري منذ فترات قديمة، تبعا لوضعه الاستراتيجي الذي أهله لربط الاتصال بين ضفتي المضيق بالحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وقد جعلته وظيفته كمرسى يثير اهتمام كل من مر هناك من الشعوب، خاصة وأنه يتوسط مركزين حضريين لهما اعتبارهما في تاريخ المنطقة، فهو لا يبعد عن مدينة سبتة في اتجاه الغرب إلا بحوالي 20 كيلومترا، ولا تفصله عن مدينة طنجة في اتجاه الشرق إلا 35 كيلومترا، كما أنه يقابل جزيرة طريفة، مراقبا كل من يعبر المضيق. ومعلوم أن موقع القصر الصغير يوجد على مصب “وادي القصر“، وغير خاف أن هذه المؤهلات التي حظي بها جعلت منه منطقة جذب لأطياف عديدة من الناس، ويحتمل أن مركزه مع المنطقة المحيطة به شكلا نواة لمدينة
“ليسا“ أو “إكسيليسا“، حسب ما استنتجه بعض الباحثين.
يعود لقرنين خلت
انسحبت تسمية القصر الصغير على ثلاثة مواقع، متقاربة مع بعضها مجاليا، ومتباعدة زمانيا، فالموقع الأول الذي يحمل الاسم نفسه، يوجد على مسافة لا تتجاوز كيلومترا واحدا شرق مصب “وادي صغير“ في البحر المتوسط، اكتشف سنة ،1943 عُثر فيه على بقايا ترجع لمرحلة الاحتلال الروماني، منها 22 قطعة من العملة الرومانية المصنوعة من البرونز، مؤرخة بالقرنين الثالث والرابع الميلاديين، كما وُجد به مصباحان يعودان للفترة نفسها، كما أجريت به بعض الأبحاث الأثرية سنة ،1953 مكنت من الكشف عن بعض التحصينات التي يظهر أنها كانت تحمي الموقع إلى حدود ساحل البحر.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 93 من مجلتكم «زمان»