يعتبر المختار الهراس أحد أبرز علماء الاجتماع بالمغرب، فهو يصنف ضمن الجيل الثاني بعد بول باسكون وعبد الكبير الخطيبي ومحمد جسوس، وعلى يديه تخرج جيل جديد من السوسيولوجيين يحملون الآن مشعل هذا العلم. بحكم تجربته ودرايته بالمجتمع القروي والجبلي، استغلت ”زمان” فرصة محاورته من أجل فهم أعمق لتأثير الزلازل على بنية المجتمعات، لا سيما الجبلية، مثلما حصل في ”زلزال الحوز “الأخير. وخاض الحوار كذلك، في جوانب من شخصية الهراس ومساره التعليمي بين الثقافة الإسبانية والسوسيولوجيا الفرنسية وبين التاريخ المغربي .كما يحدثنا ضيف العدد عن كواليس مجموعة من التقارير الرسمية التي أشرف عليها، والتي أثارت صدمة للرأي العام، من بينها دراسة حول العواقب الوخيمة لتزويج القاصرات، ومكانة المرأة، ثم منسوب الثقة لدى المغاربة في المؤسسات.
في البداية باعتبارك سوسيولوجيا، كيف تلقيت خبر حدوث زلزال الحوز، وما الذي تبادر إلى ذهنك؟
تلقيت الخبر، أولا، كإنسان أفجعه الحدث، وقلت مع نفسي إن الزلزال إن كان ضرب مناطق مثل جبال الأطلس، فقد كان من الممكن أن يضرب أي مكان آخر، بما فيه مدينتي ومقامي، ولربما كنت ضحيته، فهذه سنن طبيعية وصدف يمكن لأي إنسان أن تصيبه أينما وُجد. ويحزّ في نفسي أن تخلف أي مأساة في العالم ضحايا ومكلومين، فما بالك بأبناء بلدي. أما كوني سوسيولوجيا، فإني أفكر في آثار الزلزال على المجتمع وعلى العلاقات الأسرية داخله؛ فهي صدمة اجتماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأن كل من أصابهم الزلزال لن يتمكنوا، على الأقل على المدى القصير، من مواصلة حياتهم الطبيعية كما كانت. لقد جعلنا الزلزال نفكر تفكيرا محليا حتى ولو كنا بعيدين عن محور وقوع الفاجعة.
هل يمكن أن نستحضر بهذه المناسبة ما كتبه بول باسكون حول ”حوز مراكش”، وما الذي يمكن أن نستفيد منه الآن؟
بالفعل يجب استحضار كتابات باسكون، لا سيما كتابه عن الحوز، للاستفادة مما قدمه من تحليلات وتوصيفات ودراسات ميدانية وعلمية، وحتى نتمكن من فهم تلك المنطقة جيدا وإعادة إعمارها. إن كتاب “حوز مراكش“ هو في الأصل أطروحة دكتوراه ناقشها باسكون سنة ،1975واستغرقت منه 10 سنوات، حيث أنجزها عندما كان رئيسا لمكتب الحوز؛ ففي منصبه هذا كان مكلفا بالتنمية القروية والتخطيط المائي لمنطقة الحوز. وقد أوضح بشكل مفصل في تلك الأطروحة، تغيّرات المجتمع الحوزي (القروي) نتيجة رزحه تحت الاستعمار، وتأثير تسرب الرأسمالية على بنياته الزراعية والاجتماعية.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 120 من مجلتكم «زمان»