لم يأخذ فن العمارة في المغرب هويته الخاصة إلا مع عصر الموحدين، الذين استلهموا فيه الخصائص الأندلسية مع استحضار المؤثرات الأمازيغية والصحراوية، واستمر الأمر كذلك مع الدول الموالية.
يعتبر ما يسمى بالمعمار الإسباني-المغربي Hispano-Mauresque، إحدى أبرز تجليات العمارة الإسلامية، إلى جانب المعمار الفارسي، كما في إصفهان وسمرقند وبُخارى ومشهد ومزار الشريف بأفغانستان وغيرها، أو الفن المملوكي بمصر والشام، أو المغولي بالهند، أو العثماني في تركيا وبلاد الشام والعراق ومصر والحجاز وشطر من بلاد المغرب. وتعتبر بلاد المغرب والأندلس مجال ما يسمى بالمعمار الإسباني المغربي، وهو ما خصص له الباحث جورج مارسيه كتابا مرجعيا “المعمار الإسلامي في الغرب (الإسلامي)”، وضم دراسة حول كل تونس والجزائر والمغرب وإسبانيا (الأندلس)، وصقلية.
وإذا كان لهذا الطابع الإسباني-المغربي هوية خاصة، من حيث شكل الأقواس، والمقرنص، والتوريقة والخط والأشكال الهندسية، والنقش وأشكال الزليج، فإنه تكتنفه فروقات (لوينات) حسب المناطق (مثلا النقش في فاس على المادة، وعلى القالب في تلمسان…)، وتطور عبر التاريخ، واغتنى بمؤثرات، وانطبع بخصائص محلية، مثل فن المدويخار في إسبانيا (أي المدجن)، وانتقل بعدها في الأندلس من رحاب دائرة الإسلام إلى عالم المسيحية، كما حمل في المغرب المؤثرات الأمازيغية والصحراوية، كما هو بارز مع الموحدين، أو السعديين أو العلويين. ومن المعالم البارزة لهذا المعمار وأولها، مسجد القيروان بتونس. ويعتبر مسجد بلحسن بتلمسان وكذا المنصورة من أجمل تجلياته، إلا أن مجاله الأرحب مثلما يقر بذلك الباحث جورج مارسيه هو الأندلس والمغرب (الأقصى).
حسن أوريد
تتمة الملف تجدونها في العدد 53 من مجلتكم «زمان»