لم يعترف المغرب بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، إلا سنة 1969. حينها، كان مضى على استقلالها تسع سنوات كاملة، ظل المغرب خلالها يعتبرها إقليما مغربيا، معددا الحجج. فما قصة المطالب المغربية بموريتانيا؟ وكيف انتهى به الأمر إلى الاعتراف بها.
كان 28 من نونبر سنة 1960 يوم حداد في المغرب. في منتصف ليل ذلك اليوم، وعلى بعد ألفي كيلومتر من الرباط، كان المختار ولد داداه، بحضور عشرة رؤساء دول ووفود ثلاث وثلاثين دولة من القارات الخمس، يعلن استقلال بلاده: موريتانيا. “ها قد تحقق الحلم الذي طالما راود كل موريتاني وموريتانية. وفي هذه العاصمة الوليدة، أدعوكم للاعتراف برمز إرادة شعب كله ثقة بمستقبله”. في أعين الرباط، لم تكن هذه الدولة الجديدة التي طفت على الساحة الدولية سوى كيان مصطنع خلقته الإدارة الاستعمارية الفرنسية، بعد أن اقتطعت جزءا كبيرا من التراب المغربي.
الهدف موريتانيا
لطالما اعتبر المغرب أنه وقع ضحية عملية تقسيم ممنهج لأراضيه خلال المرحلة الاستعمارية. فقد كانت أوصاله مشتتة بين حماية فرنسية في الوسط، و”حماية” إسبانية في الشمال (ينضاف إليها إقليما سيدي إيفني وطرفاية)، ومنطقة دولية في طنجة، ومستعمرة إسبانية في واد الذهب، واحتلال عسكري في الساقية الحمراء، ثم أراضي للسيادة الإسبانية في مدينتي سبتة ومليلية. وأخيرا، مستعمرة فرنسية في أقصى جنوب الصحراء تمتد إلى نهر السنيغال. وضمن المجال الأخير تقع موريتانيا، أو بلاد شنقيط قديما، على مساحة 1,17 مليون كلم مربع. عندما وقع المغرب وثائق استقلاله مع فرنسا وإسبانيا في مارس وأبريل 1956، كان يفترض-من المنظور المغربي- أن تستقل هذه المناطق السبع دفعة واحدة، مشكلة المغرب بحدوده “التاريخية والطبيعية”، كما كان عليه الحال قبل سنة 1912. لكن هذا لم يحدث، واستقل المغرب على مراحل. الشيء الذي جعله يفقد أجزاء من أراضيه، على رأسها، الجزء الواسع الممتد جنوب الصحراء الإسبانية، وصولا إلى نهر السنيغال، الذي فضلت فرنسا أن تقتطعه وتمنحه في شتنبر 1958 استقلالا داخليا في إطار المجموعة الفرنسية، ثم استقلالا كاملا بعد سنتين، معلنة عن ميلاد “الجمهورية الإسلامية الموريتانية”.
خالد الغالي