تجمعت في شخصية علال الفاسي من السجايا العقلية والمزايا العملية والملكات الذهنية، ما لم يعهد في المفكرين والمناضلين من عصره ومن العصور الماضية، مع اختلاف بين جيل وآخر لا يلغي صفة الفرادة و خصلة الريادة اللتين امتاز بهمها.
لعل ما قاله عبدا لله العروي عن علال الفاسي، يلخص الصفات الدالة على نبوغه المبهر الذي عز مثيله: (لن يُخلف علال، لأنه كان أعجوبة يمثل كل الأجيال وكل الأيديولوجيات) .ونقل العروي لنا، في كتابه “خواطر الصباح“، ما قاله له جاك بيرك ذات يوم: «هل لاحظت بريق عينيه؟لو عاش في القرن الماضي، لكان شيخ زاوية» .وجاك بيرك خبير بمطاوي الشخصية المغربية، فهو الذي عاش زمناً بين قبائل المغرب، وكتب عن أبي الحسن اليوسي نابغة دهره، كتاباً عالي القيمة. ولكن الشهادة التي سجلها عبد الرحيم بوعبيد عن علال الفاسي، تستحق استحضارها. فقد قال في حفل تأبين علال: «إنه لمن الصعب على كل من أراد أن يتناول شخصية علال الفاسي بالتحليل والبحث، أن يلم إلماماً صادقاً منصفاً بكل الجوانب والخصائص التي تحتوي عليها. فقد كان شاعراً مبدعاً ملتزماً، منذ السنوات الأولى من شبابه، وكان عالماً مشاركاً بحاثةً وأديباً رقيقاً، وفي الوقت نفسه كان مؤرخاً وأستاذاً بارعاً ومحاضراً وناقداً، وكان دوماً في طليعة المعركة والجهاد، زعيماً ومناضلاً مثابراً سباقاً إلى الابتكار والكشف عن طرق العمل الناجعة والوسائل العملية لتحقيق الأهداف الوطنية المرسومة».
لقد تعمدت أن آتي بشهادات من خارج دائرة علال الفاسي، التي تتمثل في رفاقه في العمل الوطني وفي الدارسين لحياته وأعماله وأفكاره، لأصل إلى أن النبوغ الذي طبعت به شخصية علال، حقيقة يقر بها كل من ينتمي إلى أسرة الفكر والنضال والتضحية من أجل المبادئ .
عبد القادر الإدريسي
تتمة المقال تجدونها في العدد 127 من مجلتكم «زمان»