قلما اعتلت امرأة سدة الحكم في الفضاء الإسلامي، مغربا ومشرقا، كما في مختلف الثقافات الأخرى. عندما برز هذا المطلب ووجه بذريعة أنه يعاكس معيارا دينيا.
اقترنت السلطة بالذكورة على مدار التاريخ. في مختلف الثقافات يكون الحاكم رجلا، ولما تعتلي امرأة سدة الحكم فإنما تشكل استثناء يؤكد القاعدة. لم يخرج الفضاء الإسلامي، في المغارب كما في المشارق، عن هذه الحالة العامة. فنادرا ما تصدرت النساء واجهة الأحداث في مختلف الدول التي تعاقبت على هذا الفضاء. هكذا، برزت المساواة بين الجنسين ثورة على الماضي، حقا طبيعيا انتزع انتزاعا في أكثر المجتمعات انخراطا في الأزمنة الحديثة، بعد مقاومة وتردد. اتخذت هذه المقاومة في العالم الإسلامي، على العموم، طابعا معقدا إذ استدعت الدين لتبرير اللامساواة. وعلى نحو دوغمائي، سادت الأطروحة القائلة بأن إبعاد النساء عن السلطة يجد مشروعيته في المعايير الدينية، بالاستناد خصوصا على حديث منسوب للنبي ينكر على النساء تولي الأمر.
أخرج استعمال هذا الحديث حالة اللامساواة بين الجنسين، من التاريخ إلى الدين. لم تعد ظاهرة بشرية عرفتها كافة الثقافات لظروف وأسباب معينة، معرضة بالتالي للتجاوز في الأزمنة الحديثة، وإنما باتت معيارا لا يجب التغافل عنه. حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان ومكان، كما تقول العبارة السلفية الشائعة. صادف هذا التأويل المطلق للحديث المذكور بيئة ملائمة في الثقافة الذكورية السائدة على نحو واسع، والتي لا تحتاج لأي مسوغ ديني كي تفرض على المرأة وضعا أدنى من وضع الرجل. مع أن التاريخ الإسلامي يحفل بالاستثناءات التي تصدرت فيها النساء واجهة الأحداث، وقادت بعضهن المبادرة السياسية في سياقات حاسمة، بمن فيهن عائشة “أم المؤمنين” ودورها المؤثر في حدث “الفتنة” الكبرى حين اندلع الصراع حول الخلافة.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 39 من مجلتكم «زمان»