تبوأت العريفة بنت خجو، المنحدرة من شمال المغرب، مكانة رفيعة في البلاطات السلطانية في كل من فاس ومراكش. لقد كانت خبيرة في أساليب العيش الملوكي.
شكل تدبير قصور سلاطين المغرب مهمة بالغة الأهمية والحساسية في إطار النظام المخزني، لكننا لا نعرف عنهـا الكثير لعدة أسباب، منها أن الحياة الداخلية للقصور كانت من تدبير النســاء بعيدا عن عالم السياسة المرئية التي هي أساسا من اختصاص الرجال، علمــا بأن تدبير حياة القصر كان هو الآخر مجالا لممارسة السلطة والنفوذ قد تكون لهما امتدادات وتأثير على مسرح السياسة العامة خارج أسوار البلاط.
كان تدبير شؤون القصر يعني التدبير اليومي لحياة السلطان بمظاهرها المختلفة، من إعداد الطعام واختيار اللباس والفراش المناسب، إلى ترتيب الطقوس التي ينتظم بها السير اليومي لكل صغيرة وكبيرة داخل القصر. إن حسن تدبير هذه المظاهر يضفي على الدولة هالة تعطي انطباعا بوجود فعالية وضبط محكم، وهو ما ينعكس بالضرورة على صورة السلطان ويعزز هيبته في نفوس الرعية والخصوم على السواء. وهذا الأمر هو ما ذكره ابن خلدون تحت “شارات الملك”، بالقول: «فاعلم أن للسلطان شارات وأحوالا تقتضيها الأبهة والبذخ، فيختص بها ويتميز بانتحالها عن الرعية والبطانة وسائر الرؤساء في دولته». ويؤكد ابن خلدون أن شارات الملك، هذه، تكون بسيطة مع بداية الدولة لكونها آنذاك أقرب ما تكون إلى البداوة، بينما تزداد تعقيدا مع تحضر الدولة، فيكون في تنوع الطعام المقدم للضيوف، وانتقال اللباس من الخشن من الصوف إلى الرقيق من الحريـر وما شابهه مزيدا من الأبهة والقوة للدولة.
فاطمة بوشمال
تتمة الملف تجدونها في العدد 39 من مجلتكم «زمان»