جمع بلعيد بويميد بين إبداعين: إبداع فن الكاريكاتير وإبداع الكتابة، لكن دون أن يضع حدودا معينة بين الرسم والحروف، إذ كان يجد في المجالين متنفسا للتعبير.
رأى النور بلعيد بويميد، في عام ،1951 في دوار تنالت، وهو أحد الدواوير النائية في الأطلس المتوسط، من أم ربة بيت، وأب شارك في الحرب العالمية الثانية للدفاع عن فرنسا. وحين عاد بويميد الأب إلى المغرب ألحقته سلطات الحماية بإدارة الشرطة. بعد أسابيع من ولادة ابنه، طلبت منه إدارة الشرطة الانتقال إلى مدينة آسفي. لكن لن يطول مقام العائلة الصغيرة هناك، إذ طُلِب من ربها جمع حقائبه من جديد، والانتقال إلى مدينة الجديدة، حيث ستستقر هناك إلى أن فرقت بين أفرادها سبل الحياة وضرورتها. في حاضرة دكالة، اكتشف الطفل بويميد القلعة البرتغالية، اختار والده بيتا داخلها. وهناك، اكتشف، أيضا، اليهود والأوربيين، الذين كانوا يعيشون جنبا إلى جنب مع المغاربة المسلمين .وهناك، كذلك، اكتشف موهبته في الرسم. يذكر بلعيد نفسه أن والده حرص على تسجيله في مدرسة داخل القلعة، أو “سكويلة اليهود“ كما سماها، قبل أن يسجل أنها لم تكن محصورة على الأطفال اليهود وحدهم، بل كان يتم قبول كل من أراد، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو لا دينيا. داخل المدرسة تعلم قيم التسامح، واكتسب أصدقاء جدد من غير جنسه أو دينه. كبر الطفل وكبرت معه أحلامه، وحين كان يغادر المدرسة، يتوجه مباشرة إلى المركز الثقافي الفرنسي، مستفيدا من العروض التي كان يقدمها المركز مجانا للتلاميذ. هكذا، أصبح الفتى، الذي لم يفقد لسانه الأمازيغي، وجها مألوفا لدى إدارة المركز التي سارعت، بعدما وقفت على مواهبه وجديته، إلى أن تعرض عليه أن يكون منشطا داخل المركز. وفي تلك الأثناء، أصبح بويميد فأر كتب يلتهم كل ما يقع بين يديه، سواء كانت أدبية أو فكرية أو فلسفية. لكن الأخيرة هي التي جذبته. وسيزيد سحرها عندما تعرف إلى أحمد حرزني (الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان) الذي كان متأثرا بفلاسفة الأنوار.
عمر جاري
تتمة المقال تجدونها في العدد 133 من مجلتكم «زمان»