يجد المؤرخون والباحثون صعوبات جمة في تفكيك شفرة إمارة برغواطة، ربما لأن إخباريي الوقت أو الذين جاؤوا بعهدهم انشغلوا بتدين البرغواطيين أكثر من حيثيات تأسيس الإمارة وتاريخها.
جابه المهتم بالكشف عن حيثيات التاريخ السياسي للإمارة البرغواطية نقصا بَيِّنٌا في المادة المصدرية التي يمكنه الاستناد إليها للملمة هذا التاريخ، مما يجعل صورته ملفوفة بضباب كثيف على أكثر من صعيد، حيث الأحداث السياسية متقطعة، وأطوار الإمارة غامضة من التأسيس إلى انفراط العقد، والمعطيات عن حكام الإمارة وحيثيات حكمهم نادرة وموجهة بخلفيات متعددة، بعد أن “عني” الإخباريون والجغرافيون بتدين برغواطة أكثر من انشغالهم بالحيثيات السياسية. لم تكن إرهاصات بداية الإمارة البرغواطية منبثقة من معطى داخلي مرتبط بالعصبية البرغواطية المصمودية، بقدر ما ارتبطت، وفق المصادر، بانخراط أبي صالح طريف وابنه صالح في مشروع سياسي لحركة ميسرة المطغري من الخوارج الصفرية سنة 122هـ/740م. وبعد فشل هذه الحركة، التي مهدت ضمنيا لتسيد صالح بن طريف على تامسنا، بدأت معالم المشروع السياسي البرغواطي تتضح شيئا فشيئا، حيث «قدمه البربر على أنفسهم، وولى أمرهم»، وفق رواية البكري، وكأننا بصدد غطاء سياسي للخوارج، وظفه البرغواطيون قبل أن يعلنوا استقلالهم عنه وعن باقي الكيانات السياسية الموجودة في المجال المغربي والمغاربي بل حتى في المجال الأندلسي، وإعلان انطلاق مشروعهم السياسي.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 77 من مجلتكم «زمان»، مارس 2020