لم يكن الغضب الشعبي، الذي عرفه المغرب شهر يناير ،1984 بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية مقتصرا على مدن الشمال ومراكش، بل شمل أيضا مدنا من الهامش منها بني ملال والفقيه بن صالح، التي عرفت بدورها حراكا تلاميذيا واعتقالات واختطافات ومحاكمات جائرة. تحكي ثوريا تناني ابنة الفقيه بن صالح في هذا الحوار عن سياقات اعتقالها إثر هذه الأحداث رفقة زوجها وأختها التلميذة، وعن أسباب الاعتقال وسياقاته، وعما تعرضت له من تعذيب شديد لم يمنعها منه كونها امرأة، وكيف قضت سنتين رفقة معتقلات الحق العام، وعما لاقته من مضايقات بعد مغادرتها للسجن.
نعلم الكثير عما وقع سنة 1984 من أحداث دامية بالمغرب، لكن كل الروايات تسلط الضوء على ما وقع بمراكش وبمدن الشمال، لكن ما الذي وقع بالضبط بمنطقة الفقيه بن صالح وبني ملال حيث كنت يومها؟
أعتقد أن الحديث عن هذه التجربة مهم، بسبب أن تناول أحداث 84 كان دائما يقتصر على ما وقع بمراكش وبمدن الشمال، لكن مناطق منها بني ملال والفقيه بن صالح وما جاورها لم يتكلم عنها إلا النادر، مع أن هذه المناطق عرفت قمعا كبيرا، علما أنه لم تكن هناك أي أحداث تستدعي ذلك كما كان في مدن أخرى، لم تكن هناك أي مظاهرات صاخبة أو مواجهات واشتباكات مع السلطة، تعلق الأمر بمظاهرة تلاميذية وحيدة ومحدودة، وتعرضت للقمع في بدايتها.
نعود إلى ما عشته شخصيا في تلك الأحداث، هل كان سبب اعتقالك هو تأسيسك لفرع منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بالمنطقة؟
نعم، كنت من المؤسسين لفرع منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بالمنطقة، شهر دجنبر 1983، وكنا من الفروع الأولى التي تأسست للمنظمة، بعد الدار البيضاء وفاس ومراكش ووجدة، كان الرفاق يعتقدون أن الشروط بالمنطقة قد نضجت بما يكفي لتأسيس هذا الفرع، بحكم الأنشطة الجمعوية والثقافية والنقابية التي كانت قبل ذلك. كان تأسيس الفرع أو لجنة المنطقة كما كنا نسميها ببيتي مع زوجي بمدينة بني ملال، إذ أني رغم أني كنت أشتغل بمدينة الفقيه بن صالح إلا أنني كنت أسكن مع زوجي ببني ملال، ولم أقدم طلب الالتحاق، وهذا أيضا مما سأسأل عليه فيما بعد، نظمنا ندوة بالمناسبة وسميناها “ندوة الرفيق نور الدين السعودي“، حيث كانت منظمة العمل تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ولهذا كانت تضع اسم أحد هؤلاء المعتقلين كعنوان لمؤتمراتها التأسيسية، كانت ندوتنا ناجحة، وكنا في قمة الفرح بسبب اعتقادنا بأننا سنكون رقما إضافيا ونوعيا في المشهد التقدمي والديمقراطي ببني ملال.
حاورها محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة الحوار تجدونها في العدد 140 من مجلتكم «زمان»