حل الآلاف من الجزائريين، في فترات متباعدة، بالمغرب، واختار الكثيرون منهم الاستقرار في المملكة. ومنهم من لعب أدوارا أولى في حضرة السلاطين المغاربة.
بدأ توافد الجزائريين بكثرة انطلاقا من القرن التاسع عشر، ثم تضاعف أعدادهم مع طلائع القرن العشرين، لأسباب سياسية واقتصادية وثقافية ودينية وعاطفية أيضا. كانت الأغلبية منهم ناساً بسطاء، لكن كان بعضهم جاء وسمعته تسبقه، كأفراد عائلة المقري، الذين يعود أصلهم إلى تلمسان، وقد شغلوا مناصب مخزنية متقدمة في الإمبراطورية الشريفة. كما أن الراحل عبد الوهاب بنمنصور، المولود بمدينة فاس ومؤرخ المملكة لزمن طويل، يعود أصل والده إلى الجزائر.
وصل تأثير هؤلاء الجزائرين، الذين تمكنوا من دخول البلاط، في الحياة العامة درجة كبيرة، وكانت محط جدل داخل النخبة الفاسية. هنا يحضر اسما قدور بنغبريط ومحمد لمعمري المعروف أكثر بلقب سي لمعمري. كان الرجلان ذوا شخصيتين مختلفتين، لكنهما اشتركا في أربع نقط على الأقل. الأولى هي أنهما يتحدران من الجزائر، أحدهما جاء من تلمسان، والآخر من القبايل. النقطة الثانية تكمن في كونهما خدما المخزن لفترة طويلة. الثالثة، كانا معا يدينان بولاء مزودج: لفرنسا سيدة الجزائر وحامية المغرب، وللسلطان مُشَغلهما الذي خدماه لفترة طويلة بتفانٍ وإخلاص.
النقطة الرابعة، التي يشترك فيها الرجلان، تكمن في أنها قررا مغادرة المغرب بعد انتهاء مهمتهما، على الرغم من أنهما كانا يعتبران نفسيهما مغربيي القلب والهوى. لكن اختلفا في الوجهة، أحدها اختار فرنسا والآخر بلاده الأم.
عدنان السبتي
تتمة المقال تجدونها في العدد 87 من مجلتكم «زمان»