ما يزال يساريو المغرب، خاصة من جايلوا البدايات الأولى لاستقلال المغرب، يتذكرون بالكثير من الحنين حكومة عبد الله إبراهيم، التي ما تزال التساؤلات تصاحبها حول أسباب إسقاطها، ومعها يظل سؤال: “بأي ذنب قُتِلت؟” بدون إجابة.
كانت حكومة إبراهيم هي الثالثة في عهد المغرب المستقل، بين حكومتي البكاي امبارك لهبيل وحكومة أحمد بلافريج. غاب عن فريقي البكاي وبلافريج التجانس والانسجام، وبالتالي حملا معهما أسباب الفشل. بينما كان يبدو أن تكون “الثالثة ثابتة”، إذ حبلت حكومة إبراهيم التي تشكلت في دجنبر 1958، بعوامل النجاح في حقائبها، وكانت تملك خارطة طريق حقيقية للانخراط في “الجهاد الأكبر” وفتح أوراش التشييد والبناء.
لكن سرعان ما انفجرت خلافات داخل حزب الاستقلال بين المحافظين بزعامة علال الفاسي، والتقدميين بقيادة المهدي بنبركة، مما سمح بطفو طرف ثالث على السطح. وقد عمل هذا الطرف أو “القوة الثالثة”، كما سماه محمد عابد الجابري، على استثمار الخلافات داخل “البيت الاستقلالي”، وتسخير كل الوسائل لإسقاط الحكومة الفتية التي كانت تبعث على الكثير من الآمال، كما كانت تثير مخاوف من لهم مصلحة في “بقاء الوضع على ما هو عليه”، وحتى لا تفلت “النعمة” التي ورثوها عن الاستعمار من أيديهم.
“واصل خصوم الوطنية والتحرر، داخل دار المخزن، مناوراتهم ومؤامراتهم بهدف إسقاط حكومة عبد الله إبراهيم، فلجؤوا إلى الكذب على الملك الراحل محمد الخامس، وإلى استعمال مختلف الأساليب المخزنية البائدة، التي كانوا يتقنونها، وسلكوا أساليب شيطانية رخيصة هم وعملاء الاستعمار وأصحاب المصالح والحاقدون والموتورون، وجميع هؤلاء كانت أسماؤهم وأخبارهم معروفة لدينا… وفي النهاية نجحوا في مسعاهم”، يقول محمد عابد الجابري.
هكذا، وفي يوم 20 ماي 1960، سقطت حكومة عبد الله إبراهيم التي ما تزال تسكن المخيال الجماعي لدى أغلب اليساريين المغاربة. وبعد أربعة أيام، أعلن الملك محمد الخامس “أنه قرر أن يرأس الحكومة، وينيب عنه، في مزاولة شؤونها، الأمير ولي العهد (مولاي الحسن)”، ليُغْلَق قوس، وتفتح صفحات أخرى لكتابة تاريخ المغرب الحديث، بإنجازاته طبعا، لكن بمآسيه أيضا.
أي نتيجة
View All Result