لم يكن يوم الجمعة 23 يوليوز 1999، بالنسبة للمغاربة الذين عاشوه، يشبه باقي الأيام. كان في البداية يوما عاديا ككل أيام الصيف الحار، وفق تعبير عبد الرحمان عشور، مدير الإذاعة حينها. غير أن بعد نهاية صلاة الجمعة بدأت إشاعة صامتة تسري ببطء، قبل أن تنتشر كالنار في الهشيم: “الحسن الثاني مريض. سيدنا في المستشفى. الملك مات”. لكن في غياب إعلان رسمي، كان الجميع يتعامل مع الخبر بحذر.
يذكر عاشور، في كتابه “رجل سلطة بالإذاعة”، أنه قبل نشرة الرابعة المفصلة، توصل ببلاغ من وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة مكتوب بخط اليد، تنقل فيه عن هيئة أطباء القصر الملكي “إن جلالة الملك الحسن الثاني التحق هذا اليوم بمستشفى ابن سينا بالرباط، على إثر وقوع التهاب حاد في رئتي جلالته تستلزم مراقبة مستمرة لجهازي القلب والتنفس”.
بث البلاغ وزاد من انتشار الشائعة، وبدأ الناس يتداولون الأمر سرا وجهرا، أيضا هذه المرة، بعدما أوقفت التلفزة والإذاعة برامحها العادية، وشرعت “في بث آيات من القرآن الكريم دون انقطاع، مع الحرص على عدم إدراج السور القرآنية التي تتلى عادة على الجنائز… لم يعد إذن هناك مجال للشك، لقد توفي الملك”، يتذكر عاشور، قبل أن يشير إلى أن المدير العام اتصل به ليخبره أن ولي العهد سيوجه خطابا للأمة بوضعه الدستوري الجديد “صاحب الجلالة الملك محمد بن الحسن”.
استمر بث الآيات القرآنية إلى أن “حلت الساعة الثامنة وإحدى وأربعين دقيقة، التوقيت الذي حدد لإذاعة خطاب الملك محمد بن الحسن، ينعي فيه للشعب المغربي وللعالم وفاة والده الملك الحسن الثاني”، قبل أن يُتْلى على التاسعة وأربع عشرة دقيقة بلاغ جديد لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة مكتوب بخط اليد مرة أخرى جاء فيه: “إن هيئة أطباء المصلحة تعلن أنه على الرغم من دخول صاحب الجلالة الحسن الثاني إلى قسم الإنعاش الطبي المركز بمصلحة القلب في مستشفى ابن سينا، تبينت استحالة تجنب التطور الحتمي لنوبة قلبية حادة، تبعها انهيار حاسم في وظيفة القلب، وقد استعملت كل وسائل الإنعاش التي تتخذ عادة في مثل هذه الحالات، فلم يكن لها جدوى، وتوفي صاحب الجلالة على الساعة الرابعة والنصف من عصر يومه الجمعة تاسع ربيع الثاني هجري، والموافق لـ23 يوليوز 1999 ميلادي”.
ثم تم الإعلان عن بداية عهد جديد، بعدما “نودي بابنه وولي عهده الأمير سيدي محمد ملكا على المغرب طبقا لأحكام الدستور وعقد البيعة الشرعية له من الأمراء والوزراء ونواب الأمة وكبار ضباط الجيش وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم”.
لقد بدأ عهد الملك محمد السادس.
أي نتيجة
View All Result