عندما كانت الدولة، غداة الاستقلال، مشغولة ببناء هياكلها الحديثة من إدارة وجيش وأمن، لم يدُر قي خَلَدها امتلاك وسيلة إعلام ناطقة باسمها. لكن من داخل القصر، بلور المهدي بنونة، الموظف بالديوان الملكي في مصلحة الإعلام والعلاقات العامة، فكرة تأسيس وكالة إعلامية تعنى بشؤون دول المغرب العربي. لم يكن بنونة غريبا عن الميدان، فقد عاد من مصر بدبلوم في الصحافة من الجامعة الأمريكية في القاهرة. وبأرض الكنانة ذاتها، ساهم، نجل عبد السلام بنونة “أب الحركة الوطنية في الشمال”، في تأسيس لجنة الدفاع عن المغرب الأقصى، بمعنى أن الرجل لم يكن ينقصه لا التكوين ولا الحافز لتأسيس وكالة وطنية تنافس نظيراتها الموجودة على أرض المملكة. عرض بنونة الفكرة، أولا، على محمد الخامس الذي بدا عليه الاستغراب من مغامرة هذا الشاب، وقال له: “لا نريدك أن تدخل في مشروع فاشل”، وفق ما كان يردد بنونة بنفسه.
غير أن الشاب المتكون والطموح، وبدعم من شخصيات مغاربية وطنية، أعلن، يوم 31 ماي 1959، عن تأسيس وكالة المغرب العربي للأنباء “لاماب” مع وضع مسافة عن الدولة. وفي سياق ذلك، استمرت بمجهودات شخصية لتطوير ذاتها وأدوات عملها في عالم أصبح، يوما بعد يوم، يعطي قيمة للخبر واعتبارا لصناعه. وباعتباره كذلك، كان بنونة حاضرا في القصر الملكي بالصخيرات أثناء المحاولة الانقلابية في عام 1971. ولأنه صحافي، سارع إلى بث قصاصة عن الحدث، تناقلها المراسلون الأجانب المتعمدون بالمغرب كـ”خبر طازج”، نادرا ما يجود الزمان بمثله. لقد كان من النوع الذين يصنع سعادة الصحافيين. غير أن في المقابل، أثار الخبر غضب الحسن الثاني، لأنه لم يكن يريد أن تحاط محاولة انقلاب فاشلة بكل تلك الهالة في العواصم العالمية الكبرى. منذئذ، وضع الملك الوكالة نصب عينيه. وابتداء من عام 1974، أصبحت تابعة للدولة وناطقة باسمها بعد دفع بنونة إلى الانسحاب مقابل مبلغ مادي.
أي نتيجة
View All Result