جعل الإسبان من مدينة تطوان، منذ فرض الحماية، مركزا إداريا وعسكريا، كواجهة لما ستقدمه مدريد من قيمة مضافة، وأيضا لمراقبة المنطقة الخليفية ككل.
وابتداء من عام 1913، وضع الإسبان تصميما لتأهيل المدينة حضريا، وربطها بمحيطها عبر وسائل النقل الحديثة. وفي هذا السياق، انبثقت فكرة مشروع بناء خط سككي يربط مركز المدينة بميناء سبتة.
وفيما عُهِد إلى “الشركة الإسبانية للاستعمار” لبناء السكة التي أطلقت الأشغال في شهر ماي عام 1915، عُهِد إلى المهندس المعمار الإسباني خوليو رودريكيس رودا لبناء محطة تطوان.
وضع رودريكيس رودا تصميما يستلهم من التراث المعماري المغربي الأصيل، لبناء عمارة أشبه بالقصبات والقلاع العسكرية العتيقة “تتكون من طابقين، وأبراج، في الأركان الأربعة، تتماهى مع الصوامع التراثية، التي يغلب عليها اللونان الأبيض والأخضر”.
انتهت أشغال البناء والتزيين قبل نهاية شهر أبريل 1918، غير أن تدشينها لم يقع إلا يوم 5 ماي من العام ذاته، بحضور الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي وعدد من المسؤولين الإسبان.
استمرت القطارات، طيلة 40 سنة، في ربط تطوان بميناء سبتة، عبر محطات الملاليين، المضيق، نيكرو، دار الريفيين، الفنيدق، ميرامار، ثم سبتة المدينة، قبل المحطة النهائية في الميناء.
وفي فاتح يونيو 1958، توقف القطار رسميا عن إطلاق صفاراته. حدث ذلك بعد أقل من سنتين عن استقلال المغرب، في وقت كان ينتشي الجميع بتوديع عهد “الحجر والحماية”، وفي وقت كان وطنيو الشمال يرون أنه من غير المنطقي أن يستمر القطار يربط تطوان “المستقلة” بسبتة “المحتلة”.
بصيغة أخرى، لم يروا بعين الرضا أن يستمر “خيط رفيع” يربط بين حضارتين وأمتين، تختلفان في اللغة والدين.
بعدئذ، احتضنت المحطة إدارات ومصالح مختلفة، ووافدين جدد، لكنهم غير مسافرين، قبل أن تتحول في آخر العشرية الأولى من القرن الحالي إلى “مركز تطوان للفن الحديث”. مركز من شأنه أن يحفظ ذاكرة وتاريخ المحطة، وبعضٍ من مروا بها ذات يوم.
أي نتيجة
View All Result