تعود أصول حفل سلطان الطلبة، في مدينة فاس، إلى النصف الثاني من القرن السابع عشر في عهد المولى رشيد. وهو في الواقع حفل استحدثه مؤسس الدولة العلوية لتقديم الشكر لطلبة المدارس الذين يعود لهم الفضل في مساعدته على السيطرة على أقدم عاصمة في المغرب، كما يقول المؤرخ الفرنسي جان-لوك بيير.
أثار الحفل السنوي للطلبة بالمغرب، أو ما كان يعرف بحفل سلطان الطلبة، اهتمام العديد من الكتاب والباحثين الأجانب الذين ارتادوا البلد مطلع القرن العشرين، ومن بينهم جي. رولو ديكاج الذي قدم في كتابه «رسائل من المغرب» الصادر سنة 1915 وصفا لحفل الطلبة في مراكش سنة 1913، واستعان في ذلك الوصف بما سبق وسجله أوبان حول نفس الحفل في كتابه «مغرب اليوم». كما قدم الباحث والرحالة الفرنسي إدموند دوتي بدوره وصفا دقيقا للحفل، في مقاله الذي ساهم به في أعمال المؤتمر الرابع عشر للمستشرقين المنعقد بالجزائر العاصمة سنة 1905، وقد مهد بذلك الوصف لخطبة الزردة التي سيأتي الحديث عنها في سياق الوصف المقدم هنا باختصار.
ترتيبات الحفل
في الأيام الأولى من شهر مارس، يجتمع الطلبة بمدرسة الشراطين في فاس، وبمدرسة ابن يوسف في مراكش إذا كان السلطان مستقرا آنذاك بالعاصمة الجنوبية. فيختارون من بينهم مُقدّما يختار بدوره أربعة أمناء، ويتجه هؤلاء الخمسة إلى الصدر الأعظم، ليلتمسوا منه إخبار السلطان باعتزام الطلبة بدء النزاهة السنوية.
بحصولهم على الموافقة المطلوبة في شكل ظهير أو رسالة، يجتمع الطلبة بالقرويين ويعرضون السلطنة بالمزاد العلني الذي يستمر ثلاثة أيام، وأعلى وآخر مُزايد هو الذي يتم إعلانه سلطانا للطلبة. وتتم مرافقته من طرف الطلبة إلى دار المخزن ويُقدم إلى الوزير الذي يسلمه من السلطان أو خليفته شهادة سلطان الطلبة.
أما الثمن المدفوع في المزايدة فيتم توزيعه على الطلبة، بمن فيهم السلطان الجديد نفسه وذلك يوم الجمعة.
سمير أيت أومغار
التتمة في العدد 9 من زمان