يجتمع هذا الشهر )فبراير)، ثلة من المفكرين والباحثين، مغاربة وأجانب، لسبر أغوار شخصية الراحل بنسعيد آيت إيدر، الذي رحل دون أن يكشف جميع أسراره، وذلك برؤية ومقاربات أكاديمية.
ما تزال شخصية المقاوم المغربي محمد بنسعيد آيت إيدر من الشخصيات الجدلية بالمغرب، التي ترتبط بالتاريخ الراهن لفترة ما قبل الاستقلال وما بعده، بل وصولا إلى فترة ما بعد .2011 آيت إيدر الذي رحل يوم 6 فبراير 2024، خلف وراءه إرثا تاريخيا وسياسيا يرغب المؤرخون والسياسيون اليوم في التنقيب فيه أكثر. لهذا الغرض، يجتمع جمع غفير من المفكرين والباحثين من شتى الأقطار، حوالي 40 باحثا، من أجل تدارس شخصية الرجل، وذلك في مناظرة دولية تمتد على مدار يومي 7 و8 فبراير، تقام بمكتبة آل سعود بمدينة الدار البيضاء .هذا اللقاء، ليس حفلا تأبينيا، وإنما لقاء أكاديمي محض، من تنظيم مركز آيت إيدر للأبحاث والدراسات، ويروم مناقشة الأوراش التي ساهم فيها الراحل والتي ما تزال مفتوحة. ومن المرتقب أن يساهم في الحدث كل من عبدا لله العروي وعبد الله الحمودي وعبد المجيد القدوري، وكذلك رونيه غاليسو ودانييل ريفي وبيير فيرمورين، بالإضافة لباحثين من دول عربية وإفريقية وأوربية.
نظرا لأن آيت إيدر عاش قرنا من الزمن ،(2024-1924) عاصر فيه ثلاثة ملوك، وشهد العديد من الأحداث، بل ساهم وصنع أهمها على عدة مستويات، فإن منظمي المناظرة يرغبون في تسليط «أضواء الفحص الموضوعي لعلوم الإنسان والمجتمع على الرؤى السياسية والثقافية للرجل، وعلى كل مسار حياته». ولهذا يطرحون العديد من الأسئلة بمثابة محاور أساسية للقاء الأكاديمي. إذ يتساءل المجتمعون عن المكانة التي يحتلها ايت إيدر ضمن خارطة الأدب السياسي للمغرب المستقل، وعن احتضانه لأفكار أصيلة تتصل بمواضيع حساسة كبناء الدولة الوطنية، تفضي إلى طرح سؤال: «هل بالإمكان الحديث عن ما يسمى فكر بنسعيد؟» على حد تعبير الورقة التأطيرية للمناظرة. وعلاوة على تركه مؤلفات ومذكرات عديدة، إلا أن بنسعيد لم يقل كل شيء حول ما شهده وعاشه من قضايا حساسة، واكتفى بالإشارة إلى بعضها، والذي ما تزال أجيال لاحقة تنتظر كشف الستار عنها، مثل مواضيع: عباس المسعدي، والمهدي بنبركة، وإقامته لاجئا بالجزائر وفرنسا، ثم أدوار محمد بنعبد الكريم الخطابي في تشكل وتطور وانفجار جيش التحرير المغربي، وغيرها من المواضيع العالقة في ذاكرة وتاريخ المغرب. ولكون آيت إيدر ارتبط أيضا ببعض القضايا الإقليمية والعربية، يناقش المجتمعون حضور القضية الفلسطينية في مسار الرجل، وقضية الصحراء المغربية والعلاقة مع الجزائر، ويسبرون أغوار رؤيته القومية العربية والمغاربية، منذ بدايتها إلى المرحلة التي عاشها مع قيام الانتفاضات والاحتجاجات الاجتماعية سنة .2011 كما لا يفوت المنظمين، تخصيص محاور للأدوار الحقوقية التي اضطلع بها آيت إيدر؛ منها تفجير قضية تزمامارت تحت قبة البرلمان. يأمل أصحاب المناظرة أن تأتي مقاربات الباحثين الأكاديمية وما يطرحونه، للإضاءة قدر الإمكان على مختلف التنويعات والتلوينات في الأوجه المختلفة لهذه الشخصية الفريدة.