أصدر فقهاء مغاربة مع بداية القرن العشرين، بعدما احتل علم النصرانية مكان الإسلام، فتاوى جعلت الهجرة من “دار الكفر” إلى “دار الإسلام” واجبا دينيا، كتعبير عن رفض موالاة ومساكنة الكفار.
رغم أن الهجرة فعل إنساني وقديم في التاريخ، إلا أنها تحولت، مع ظهور الإسلام، وما رافق ذلك من صراع بين نخبة قريش وحاملي الدعوة الجديدة وما أثاره حادث هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة في وجدان المسلمين وذاكرتهم، إلى سلوك مقدس وتشريع ديني فصل الفقهاء في أحكامه وفروعه وما يتعلق به، وهو ما جعل من الدين واحدا من دوافع الهجرة وبواعثها. فكيف نشأ مفهوم الهجرة في الإسلام؟ وكيف تناول الفقهاء هذا الموضوع؟ وما هو انعكاس ذلك على هجرة المغاربة نحو بلدان مختلفة بباعث ديني؟ وكيف وظفت الحركات الجهادية المعاصرة مفهوم الهجرة لاستقطاب المقاتلين نحو بلدان ومناطق مختلفة؟
مفهوم الهجرة في الإسلام وأنواعه
ارتبط ظهور مفهوم الهجرة في السياق الإسلامي بالمواجهات والصراعات التي كانت بين النبي محمد وأصحابه وبين قبيلة قريش ونخبها، بعد ما عرفته أعداد المعتنقين للدعوة الجديدة من ازدياد، خصوصا من فئة الشباب والعبيد، والذين تعرضوا لموجة من الاضطهاد، استعملت فيها مختلف وسائل التعذيب والتنكيل. وأمام عجز النبي محمد عن حماية أصحابه ومنع قريش من حملات الإيذاء والتضييق، عرض عليهم الخروج إلى ما كان يعرف بأرض الحبشة، وهي أثيوبيا حاليا، لأنه يوجد بها ملك «لا يظلم عنده أحد»، بتعبير كتب السيرة النبوية، فكانت “الهجرة الأولى“، والتي لم يتجاوز عدد المشاركين فيها خمسة عشر فردا، ثم كانت “الهجرة الثانية “والتي كان بها حوالي خمسة وثمانين فردا، منهم من عاد بعد مدة إلى مكة، ومنهم من استقر به المقام سنوات عديدة، ولم يلتحق بالمسلمين إلا بعد تحولهم إلى يثرب.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 93 من مجلتكم «زمان»