نجحت الدعاية النازية ضد السامية، في البداية، في استقطاب بعض زعماء الحركة الوطنية في الشمال الذين كانوا يحقدون على فرنسا، لكن في المقابل لم ينجح الفاشيون الأوربيون في جر المسلمين المغاربة لارتكاب أعمال عنف ضد اليهود.
تأسست الايديولوجية النازية على أطروحة النقاء العرقي وأفضلية العنصر الجرماني/الآري على بقية الأعراق. وقد وضح هتلر نظريته العنصرية هاته التي تركز على عدم المساواة بين الأعراق من حيث النقاء والدونية. ووجه عداءه للأعراق السلافية والرومية الغجرية وبشكل خاص نحو اليهود الذين يعتبرهم منحطين ولا ينتمون إلى صنف البشر المتحضرين بل هم مجرد حشرات يعيشون فقط من أجل الدنيا، ويدفعون الشعب الالماني نحو طريق الضلال، ويستغلونهم في كسب الأموال واكتنازها، «إنهم يمتصون فقط دماء الألمان» ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبارهم ينتمون الى الشعب، لأن لهم مخططا للسيطرة على العالم مقتبس من بروتوكولات حكماء صهيون. ويرى من خلال ذلك وفي إطار محاربته للماركسية البلشفية أنه لو تم التحالف بين هذه الاخيرة التي تؤمن بالكثرة العددية وتلغي القيم الفردية وتعارض الفكر القومي وبين اليهود الأشرار والمستغلين، فإن ذلك سيشكل دمارا نهائيا للبشرية. والحل النهائي من أجل الانقاذ هو النقاء العرقي ضد الأعراق الأسيوية التي تحاول الهيمنة والتي يشكل اليهود والبلشفيين مدخلها الأساسي من أجل تحقيق أهدافها، فلابد إذن من اعلان الحرب من أجل كبح جماحها ومن أجل إعادة العنصر الآري النقي الى مرتبته التي يستحقها.
لم يكن التهديد يقتصر على اليهود الألمان فقط، بل تجاوز الأمر ذلك ليشمل كل اليهود الأوروبيين بل حتى يهود شمال إفريقيا، فقد انعقد ببرلين في 20 يناير 1942 مؤتمر Wannsee لمناقشة التنظيم الإداري والتقني والمالي الموازي لتنفيذ الحل النهائي للمسألة اليهودية، وقد قدم خلاله راينارد هايدريخ، الذي ترأس المؤتمر ويمثل فيه جهاز حماية الرايخ، الخطوط العريضة لقرار إبادة نحو 11 مليون يهودي أوروبي. وفيما يتعلق بفرنسا التي يعيش فيها نحو 300 الف يهودي موزعين بالتساوي بين المنطقة المحتلة والمنطقة الحرة، فقد حدد المؤتمر عدد اليهود المعنيين في 865 ألف، وهو ما يفوق العدد الاجمالي لليهود في فرنسا ككل. ويتحدث إسرائيل غوتمان عن ذلك مؤكدا أن 715 ألف يهودي المعنية في المنطقة الحرة تضم 150 ألف في فرنسا الأوربية والباقي في شمال إفريقيا الفرنسية (المغرب، الجزائر، تونس). ولعل ما يفسر كون اليهود المغاربة هم كذلك معنيون بالحل النهائي هو ارتفاع حدة الدعاية النازية الموجهة ضد اليهود ابتداء من سنة 1934، وكذلك تنامي التشريعات والقوانين التي فرضتها الإقامة العامة الفرنسية، التي أصبحت تابعة لحكومة فيشي المتعاونة مع النازية، والتي تفرض إحصاء اليهود والتصريح بممتلكاتهم.
عبد الرحيم شهيبي
التتمة في العدد 9 من زمان