انتهت حياة السلطان المريني يوسف بن يعقوب على يد أحد خدامه المخصيين حين كان في وضع مبتذل بين نساء قصره، فيما اختلفت المصادر حول الأسباب المباشرة التي أدت إلى ذلك.
يقتضي الخوض في حادثة المنصورة التي أسفرت عن مصرع السلطان المريني يوسف بن يعقوب ضحى يوم الأربعاء تاسع ذي القعدة عام 706هـ/ 13 ماي 1307م عن سن السادسة والستين من عمره، التنبيه بدءا إلى كثرة الاغتيالات التي لحقت بسلاطين بني مرين، إذ لم يكن اغتيال السلطان يوسف على يد أحد خدامه الأول من نوعه في تاريخ الأسرة المرينية، بل سبق أن اغتيل أبو سعيد بن عبد الحق في خبائه من قبل أحد علوجه عام 638هـ/ 1240م، كما لم يكن الأخير، فقد قتل السلطان أبو سعيد الثالث سنة 823هـ/ 1420م على يد أحد كتابه. وقد بلغ عدد من اغتيل من سلاطين بني مرين اثنتا عشرة سلطانا (54 %)، لترقى بذلك إلى ظاهرة لها أكثر من دلالة.
وإذا كانت جل المصادر اتفقت حول سنة وقوع حادثة المنصورة ونتيجتها، ونسبت الاغتيال إلى أحد العبيد الخصيان، فإنها اختلفت في سرد تفاصيلها والدوافع التي كانت وراءها، انطلاقا من الوضعية التي كان عليها السلطان عند اغتياله بين نائم ومستلقي في فراشه أو مبتذل بين نساء قصره، وهو اختلاف له أهميته كما سيظهر لاحقا.
حدث غير سعيد للسلطة
تنقسم مصادر الموضوع إلى مغربية-مرينية، وأخرى تلمسانية-زيانية، تعاطفت كل واحدة منها مع طرف ضد الآخر. وقد قزمت المصادر المغربية من وقع هذا الاغتيال، لكون الحدث في حد ذاته غير «سعيد» بالنسبة للسلطة، ولكونه أمرا داخليا لا ينبغي للمجتمع أن يعرف منه أكثر من خبر الحادث نفسه. كما عمدت إلى تغطيته بصبغة أخلاقية- سلوكية للخصي الذي نفذ عملية الاغتيال، فنعت بـ«الجهل والغباوة»، وصنف من «أخابث الخصيان»، كما وصف بأنه «ذو النفس الشيطانية». ولمزيد من التقليل من الحادث، اتهم الخصي بالجنون عند تنفيذه لعملية الاغتيال!
محمد ياسر الهلالي
التتمة في العدد 9 من زمان