اختار ورثة الحاج غلف، في بداية القرن العشرين، أن يجزؤوا أرضهم الكبيرة إلى قطع ويستأجروها لمن يريد إقامة ”نوايل” للسكن. منذئذ عرفت تحولات وقصصا، قبل أن تتحول إلى إحدى المعالم الكبرى التي تشتهر الدار البيضاء.
يحيل اسم درب غلف على أحد أشهر الأحياء بمدينة الدار البيضاء، الذي ينتمي إداريا إلى الجماعة الحضرية المعاريف التي تتوسط كل من أنفا والحي الحسني وعين الشق والفدا مرس السلطان وسيدي بليوط. هيأ هذا الموقع لهذه الجماعة الشاسعة، التي تحتل قلب مدينة الدار البيضاء، السُّبل لتكون، منذ مستهل القرن الماضي، منطقة جذب واستقطاب لسكان كثيرين، تزايد عددهم مع مرور السنين، وتنوعت أنشطتهم المعاشية وتباينت باختلاف أصولهم التي انحدروا منها. وقد أثار التوسع المطرد لحي درب غلف انتباه المسؤولين عن التهيئة الحضرية للمدينة منذ فترة الحماية الفرنسية، إذ كلما تزايد عدد سكانه إلا واستفحلت المشاكل المرافقة لذلك.
امتلك الحاج بوعزة الشهير بغلف، المنحدر من مديونة، والذي كان يشغل منصب أمين صانعي سروج الخيل، أراض شاسعة بما يُعرف الآن بدرب غلف وما يحيط به. وعندما أدركته الوفاة سنة ،1905 اقتسم ورثته تركته، فكان الجزء الذي أقيم عليه ما عُرف فيما بعد بدرب غلف من نصيب ستة من هؤلاء الورثة، الذين ظلوا مشتركين في تلك الأراضي لردح من الزمن، غير أن أحدهم، والمدعو محمد الزموري، بادر باسم جميع الملاك، خلال العقد الثاني من القرن العشرين، إلى كراء أجزاء صغيرة من الأرض لا تتجاوز 36 م2، لمن رغب في ذلك من المغاربة، وذلك ليقيموا عليها “نوالات“ أو زرائب ليسكنوا بها أو يمارسوا أنشطتهم المعاشية.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 115 من مجلتكم «زمان»