لا يخلو عصر في المغرب من رسائل وجهها أصحابها إلى الحكام والملوك، يقصدون بها النصح وإبداء رأيهم في مسألة ما. بعض هؤلاء، قبل السلاطين رأيهم وتفاعلوا معهم، لكن آخرين قتلوا أو نكّل بهم بسبب “المبالغة في نصحهم”. “زمان” تكشف عن أبرز من أهلكتهم رسائلهم في تاريخ المغرب.
لم تخرج طريقة الكتابة إلى السلاطين والحكام في تاريخ المغرب، عن قاعدة “الدين النصيحة” كما جاء في الحديث المشهور، أو عن «الأدب والاحترام اللازم في مخاطبة الملوك». ولم يكن أحد ليجرؤ أن يكتب إلى السلطان ويراسله، إلا أن يكون من وجهاء القوم وعلمائه أو من خاصته. فهؤلاء يكاتبهم ويراسلهم السلطان، إما بالرد أو بطلب المشورة. لكن حين يميل البعض منهم ويبدي معارضته أو «يبالغ في نصحه»، عندئذ، ينقلب السلطان عليهم وينكل بهم أو ينفيهم، أو يسلب أرواحهم.
رسائل النصح الأولى
دأبت الأبحاث التاريخية على الاهتمام بنوع مهم من الكتابة السياسية، هو صنف الرسائل الموجهة إلى الملوك والحكام. والتي تندرج ضمن ما سمي بــ”فن الحكم” أو “آداب الملوك”. وهي عبارة عن مؤلف يضعه صاحبه بغرض إسداء النصيحة وإرشاد الحاكم، أو وضعه كدليل عام يصلح لكل حاكم أو خليفة أو أمير، يعينه في ممارسة سلطته. ومعظم تلك الرسائل، لا تهم الانتقاد لشخصه، بل «تختص بموضوع بعينه من الموضوعات التي تهم السياسة السلطانية مثل ضرورة العدل، أو الجند…».
يرجع هذا النوع من الكتابات إلى مؤسسه الروحي ابن المقفع في المشرق. وعلى دربه في المغرب، سار، منذ العصر الوسيط، كل من الفقيه أبو بكر المرادي الحضرمي والطرطوشي وابن رضوان وآخرين. خصص هؤلاء كتبهم ورسائلهم لوصف أخلاقيات السلطان كما فعل المرادي في كتابه “الإشارة إلى أدب الامارة”. ولم يخل عصرهم من كتابات تندرج ضمن “رسائل نصح للملوك”، لكن معظمها انصب على ذكر محاسن السلطان وليس على ذكر عيوبه.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 78 من مجلتكم «زمان»