يرجح، وفق ما ورد في مصادر تاريخية، أن يكون سجن بورمادة قد أنشئ في أواخر القرن الـ17، وقد نزل به ناس من علية القوم أيضا.
اعتادت السلط الحاكمة، المشرفة على تنظيم المجالات الحضرية بالمدن المغربية، التستر أو إخفاء معالم وهوية السجون والمعتقلات التي كانت تحشر فيها الموقوفين أو السجناء أو المعتقلين أو الأسرى، الذين ألقى بهم قدرهم في غياهب هذه المحتجزات التي تباينت أشكالها وأوضاعها ومواقعها. واختلفت هندستها بحسب ظروف نشأتها أو الوظيفة التي تؤديها، ولا يعني هذا فقط السجون التي ظهرت في الفترتين الحديثة والمعاصرة، بل يعود لمراحل سابقة عن هاتين المرحلتين، فهذا النوع من البنايات له خصوصيته وحساسيته في البنية العمرانية لأغلب المدن التي اقتضت الضرورة إنشاء سجون ومعتقلات بها تستجيب لحاجيات السلط القائمة.
خارج مركز المدينة
لم يشذ سجن سلا القديم عن هذا الأمر. فبالإضافة إلى الضبابية التي تكتنف اسمه الأصلي، الذي ورد عرضا في بعض المصادر، نجد أن المعلومات عن موقعه من التصميم العام لمدينة سلا يلفه الغموض أيضا، وكأن هذه المصادر تورعت عن ذكر هذا النوع من المباني بحكم الوظيفة العقابية الردعية التي هُيئت من أجلها، وما كانت تحدثه من رعب وهلع في نفوس الناس، غير أن بعض القرائن تدفع إلى احتمال كون السجن الذي احتضنه حي “بورمادة”، بمحاذاة مسجد داوود الذي يرجع تأسيسه إلى العصر الموحدي بالزقاق الذي يسلكه من يرغب في الوصول إلى حومة الصف في الجهة الشرقية من مدينة سلا، هو السجن الذي يعنينا. وإذا ما حاولنا التدقيق في هذا الموقع، نجد أنه منذ مستهل القرن الثامن عشر الميلادي كان بعيدا نسبيا عن مركز المدينة.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 84 من مجلتكم «زمان»